أي رهان على البرامج الانتخابية لحسم استحقاقات 7 أكتوبر 2016؟

نُشرت هذه دراسة نشرت ضمن المؤلف الجماعي الذي أصدره مركز تكامل للدراسات والأبحاث سنة 2016 بعنوان: “تشريعيات 2016 بين إنعاش الآمال وتكريس الإحباطات: قراءة في النتائج والتداعيات

 مقدمة:

لا شك أن التعددية الحزبية نشأت لتعبر عن مختلف التوجهات الفكرية والأيديولوجية داخل المجتمعات، ففكرة الحزب الواحد التي أخذت بها مجموعة من البلدان خاصة منها تلك التي كانت إلى جانب المعسكر الشرقي إبان الحرب الباردة عملت على تنميط الحياة السياسية وتوجيهها وفق الفلسفة التي يقوم عليها الحزب الوحيد، ولم يكن يسمح بظهور أية كيانات سياسية مضادة تعمل على التعبير عن توجه فكري وسياسي مناقض.

فالبلدان التي تعرف تعددية حزبية تلعب فيها الأحزاب السياسية دورا مهما في التعبير عن تعددية الأفكار والتصورات لتدبير الشأن العام، وتكون الغاية الأساسية بالنسبة لهذه الأحزاب هي الوصول إلى السلطة من خلال طرح برنامجها في الانتخابات والدفاع عنه من أجل تطبيقه.

وفي التجربة المغربية، نجد أن مختلف الدساتير التي عرفها المغرب بدءا بدستور 1962 قد منعت نظام الحزب الوحيد، حيث تم فتح المجال السياسي للتعددية الحزبية تكريسا للنهج الليبرالي الذي اختاره المغرب.

ومن الجوانب المهمة التي توضح مزايا نظام التعددية الحزبية نجد تعدد التصورات والرؤى بخصوص تدبير قضايا الشأن العام، وتظهر هذه التصورات بشكل أساسي أثناء صياغة الأحزاب السياسية لبرامجها الانتخابية من خلال تقديمها للحلول والبدائل في مختلف المجالات انطلاقا من مرجعيتها السياسية والفكرية.

وحسب موريس دوفيرجيه فالحزب السياسي هو اجتماع أشخاص يعتقدون العقيدة السياسية نفسها.[1] ولذلك فرابطة العقيدة لا يمكن أن ترجمتها على أرض الواقع إلا من خلال صياغة برامج انتخابية تقدم حلولا واختيارات واضحة أمام الناخب للمشاكل الداخلية والخارجية.[2]

والبرنامج الانتخابي من هذا المنطلق هو ما يعتزم الحزب السياسي تنفيذه من سياسات وبرامج ومشاريع في مختلف المجالات في حال وصوله إلى السلطة عن طريق الانتخابات.

وتتجلى أهمية دراسة البرامج الانتخابية في معرفة مختلف الرؤى والتصورات التي تقدمها الأحزاب السياسية لتدبير الشأن العام من جهة، ومن جهة أخرى معرفة مستوى تأثير هذه البرامج على نتائج الانتخابات.

وسنعمل من خلال هذه الدراسة على تمحيص البرامج الانتخابية لبعض الأحزاب السياسية التي تم طرحها خلال الانتخابات التشريعية لـ 7 أكتوبر 2016، ومعرفة أولوياتها وتصوراتها للتدبير العمومي؟ وإلى أي حد تراهن هذه الأحزاب السياسية على برامجها الانتخابية لحسم المعركة الانتخابية؟

وللتفصيل في هذه الإشكالية، سنقسم هذه الدراسة إلى محورين أساسيين، سنتطرق في الأول إلى المضمون الاجتماعي والاقتصادي للبرامج الانتخابية، فيما سنخصص الثاني للحديث عن تأثير البرامج الانتخابية في حسم معركة 7 أكتوبر 2016 الانتخابية.


[1] موريس دوفيرحيه، الأحزاب السياسية، ترجمة علي مقلد وعبد المحسن سعد، مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2011، ص: 2.

[2] سعاد الشرقاوي، الأحزاب السياسية: أهميتها، نشأتها، نشاطها، منشورات مركز البحوث البرلمانية، القاهرة، 2005.، ص: 4