الدستور والدستورانية: من دساتير فصل السلط إلى دساتير صك الحقوق

يقدم كتاب “الدستور والدستورانية”، قراءة في تطور “الدستورانية”، منطلقاتها، اهتماماتها وأولوياتها، فالكتاب يرصد حياة الدساتير من ميلادها، مضمونها، القراءات المتنافسة التي تكون موضوعا لها، لا سيما تصارعية التأويلين القضائي والسياسي للوثيقة الدستورية، فمراجعتها وتعديلها، وفي أحيان أخرى نهايتها؛ كل ذلك، في استحضار لقراءات فقهية ومدارس نظرية متعددة، وإن كان الكتاب ينتصر في النهاية لمقولة “القراءة الجديدة للدستور”، التي تعتبر الدستور عملا مفتوحا لخلق وإبداع القاضي الدستوري.

إن الكتاب لا يتوقف عند حدود القراءة الجامدة للنصوص، بل يضع الدساتير في سياق نشوءها، وهو السياق الذي يرهن قراءة الدستور وتأويله، وكذا سياق تفاعله مع فضاء سياسي ديناميكي يطرح إشكالات متجددة، قد لا تكون مستحضرة لحظة كتابة الدستور، لذا، انفتح الكتاب على أسئلة الديمقراطية والأحزاب السياسية وصور المشاركة السياسية، باعتبارها مداخل تخرج النص الدستوري من دفتي “الوثيقة” إلى فضاء أرحب هو فضاء الفعل السياسي.

ولأن “الموجة الثالثة للدمقرطة”، قد قادت إلى نشوء “علم الانتقال”، فإن السؤال الدستوري، قد اخترق هذا التفكير الجديد، وهو ما دفع، إلى تخصيص حيز كبير، من المؤلف، لعلاقة الدستور بالانتقال الديمقراطي، عبر الغوص في إشكالات نظرية تهم: طريقة وضع دستور الانتقال الديمقراطي؟ أولوياته؟ زمن الصياغة (الانتقال أم التدعيم)؟ الآليات الكفيلة بتجنب عدم تكرار مساوئ نظام ما قبل الانتقال؟