عِبَــــرٌ أساسيّة من أزْمة الرّسوم الكاريكاتوريّة، نحو تفَهُّـم متبادل

⁎ مصدر الصورة: مواقع التواصل الاجتماعي

تُجَسِّد قضيةُ الرسوم الكاريكاتورية التي ظهرت في إحدى جرائد الدنمرك 30 يومه شتنبر سنة 2005 مثالا حيا لاحتكاك خطير بين ثقافتين مختلفتين في أسس النظر إلى الذات وإلى المخالف.[1] بل يمكن أن تتطينا صورة حقيقية لما يمكن أن يكون عليه صِدام الحضارات. لكننا لا ينبغي أن نعطيَها فُرصةً لتصل إلى هذا الحد. وإنما سنذهب مَذْهبَ كوْنِها عبارةً عن “صِدام الجهل” [Clash of Ignorance] لأن الواقعة تجسيد للجهْل المتبادَل بيْن الثقافتيْن النِّدَّتَيْن في الحضارة الإنسانية الواحدة.

ذلك، أن سنة 2005 وهي سنة هذه الرسوم عُرِفَت بكونها أسوء سنة في التواصل بين الضفتيْن، فضلا عن الاحتقان الشديد الذي عرفه العالم بسبب غزو العراق وتدمير وما تبقى من أفغانستان بعد حروب أهلية طويلة عرفها عقد التسعينات من القرن الماضي. فانضاف هذا المنشور في جريدة دنماركية معروفة بيمينِيَّتها المتعصبة، وميْلها إلى الفاشية منذ الحرب العالمية الثانية.

وعليه، فمع التوتر المتصاعد الذي يسود منذ أحداث نيويورك الدامية 2001، والتصاق الإرهاب بالمسلمين نمطيا وإعلاميا، جاءت قضية الكاريكاتورات لتزيد من حدة الأسئلة المفتعلة في أزمة عابرة، متغاضية عن الأزمة البنيوية وهي القراءة غير السليمة للذوات. فكانت أسئلة من قبيل هل نحن أمام حرية تعبير تهددها الدوافع الدينية والمقدَّسات؟ بعبارة أخرى أيهما الأوْلى إطلاق العنان للتعبير بكل أشكاله، أم أن الصدارة لاحترام المقدَّس؟ ثم هل يتعارَض طرفا هذه المعادلة، بمعنى هل نخل بأحد الطرفين إن احترمنا الطرف المقابل؟ تبقى هذه الأسئلة معلَّقة وبدون جواب لحد الآن، في ظل إخراج الأمور عن سياقاتها، واغتنام التجييش، والعواطف الدينية لحل أزمات عميقة وبنيوية بطريقة تُعمِّقُها أكثر وتُجذِّرُها أكثر فأكثر.


[1] نشرت الرسومَ جريدةُ “يولاندس بوستن” [Jyllands-Posten]، وأعادت نشرها يومه 10 يناير 2006 مجلة نرويجية تُدْعى “نورويجْيَن ماغازينيت” [Norwegian Magazinet].