بعض قيود الديمقراطية المحلية: أزمة الديمقراطية التمثيلية وتقييد الديمقراطية التشاركية (دراسة في التجربة المغربية)

نُشرت هذه دراسة ضمن المؤلف الجماعي الذي أصدره مركز تكامل للدراسات والأبحاث دجنبر 2020 بعنوان: “الديمقراطية المحلية وآفاق التنمية الترابية بالمغرب” وهو معروض في المكتبات، كما يمكن تحميله من خلال الموقع الإلكتروني للمركز“.

مقدمة:

 إذا أخذنا مفهوم الديمقراطية (demokratia) بمعناه الاشتقاقي، فإنه يتألف من جذرين يونانيين متصلين ببعضهماdemosوkratos، ويعني حرفيًا “حكم الشعب”. وعرف بعض الفقه الدستوري الديمقراطية” بالنظام السياسي الذي يحوز فيه فرد أو جماعة السلطة عن طريق التعيين من قبل الشعب عبر انتخابات دورية وتحث مراقبته”. 

وعليه، يقوم النظام الديمقراطي على المشاركة السياسية للموطنين في صناعة “مصيرهم الزمني”، وأن يكونوا “مثالا على الفضيلة المدنية”، لأن السياسة هي: “مجمل الجهود المبذولة بهدف المشاركة بالسلطة أو التأثير في توزيع السلطة”، ومن أجل هذه الغاية يجب على الدولة، بمعناها الوظيفي، توفير مجموعة من الشروط لضمان المشاركة السياسية، وهي: وجود النظام السياسي المؤمن بالمشاركة السياسية ووجود الدستور الذي يضمن المشاركة ويحميها وأخيرا وجود المؤسسات المؤهلة لتنظيم المشاركة.

ويتميز السياق العالمي اليوم بسيادة خطاب أزمة الديمقراطية، بل ذهب البعض إلى الحديث عن “موت الديمقراطية”، مما يفرض ضرورة العمل من أجل “توطيد الديمقراطية”. وبالمقابل يتم تسجيل الانتشار الواسع لتأييد الديمقراطية والمطالبة بها عند الرأي العام، كما أكدته نتائج المسح العالمي الدوري المعروف عن القيم العالمية (World Values Survey). وفي سياق العولمة كلما اتجه العالم نحو الكوكبية والانفتاح ازدادت أهمية التحديد الترابي والمحلي للديمقراطية لأن شرط ممارسة السياسة هو المحيط.

وينسب إلى الفرنسيAlexis de Tocqueville(1805- 1859) ربط الديمقراطية ببعدها المحلي في تأكيده على “أن المؤسسات البلدية هي أساس قوة الأمم الحرة. فاجتماعات القرية تكون للحرية بمثابة المدارس الابتدائية للتعليم، فهي تجعلها في متناول الشعب، وتعلم الناس استعماله في هدوء، كما تعلمهم كيفية الاستمتاع به. إن الأمة قد تؤسس حكومة حرة ولكنها لا تستطيع الحصول على روح الحرية من غير “المؤسسات البلدية””.

واليوم، تؤكد بعض التقارير الدولية على فوائد اللامركزية باعتبارها حجة مقنعة لإبطال المركزية، لتخلص إلى أن نجاح اللامركزية يتطلب توطيد طاقة حركية ثلاثية الاتجاهات بين الحكومات المحلية والمجتمع المدني وحكومات مركزية نشيطة، خاصة في سياق بزوغ المحلي كرفض للنظام الأحادي والمركزي وكبحث عن الحجم الإنساني وعن القرب .