تداعيات جائحة كوفيد 19 على قانون مالية 2020

تقديم:

طرحت جائحة كوفيد 19 على الدول تحديا غير مسبوق، فقد أدت الجائحة وما واكبها من إجراءات الحجر الصحي والإغلاق، واتخاذ حالة الطوارئ الصحية إلى توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية. هذا الأمر انعكس على المالية العامة، بحيث أدى الواقع إلى الحيلولة دون تنفيذ قانون المالية لسنة 2020 كما تم توقعه. وانضافت تأثيرات الجائحة إلى عوامل أخرى سابقة من قبيل الجفاف، انخفاض الطلب الداخلي، وركود الاقتصاد العالمي، في التأثير على ما توقعته الحكومة بالنسبة لهذا القانون.

انعكست الوضعية على القانون المذكور، وزادت من متاعبه، بحيث أصبح هذا الأخير نتيجة لذلك يجابه إكراهات متعددة، منها ما هو بنيوي وما هو ظرفي. وأول ما يتعين الإشارة إليه من تلك الإكراهات معضلة محدودية الموارد مقابل تزايد الحاجيات، بما يعني الحاجة المتنامية للرفع من الإنفاق العمومي. وتتمثل ثاني معضلة جابهته، في ارتفاع حجم المديونية الخارجية وثقلها على الميزانية العامة للدولة. ينضاف إلى ذلك ثقل الضغوط الاجتماعية التي تحكمت في إعداده[1].

 ويبرز من المعضلات أيضا واقع السياق الدولي خلال هذه السنة، وحتى قبل الجائحة[2]، ويرتبط بكل تلك العوامل استمرارية محدودية معدلات النمو في المغرب مقارنة بالأهداف المتوخاة وبما تحققه بعض الدول الصاعدة مثل الهند حاليا. وآخر تلك المعضلات التي يمكن طرحها إشكالية مردودية الاستثمار العمومي وانعكاساته السوسيو اقتصادية. فبالرغم من أن معدل تنفيذ الاعتمادات المخصصة للاستثمار انتقل من حوالي 70% سنة 2014 إلى ما يناهز 79% سنة 2018، أي بما يمثل تقدم يناهز 9 نقط، فإن وقعه الاجتماعي يظل نسبيا.

في سياق هذا الأمر، تناقش المقالة تداعيات الجائحة على قانون مالية 2020، وتجيب على إشكالية أثار وضعية الإغلاق وحالة الطوارئ الصحية والركود الاقتصادي العالمي على أحكام ومقتضيات هذا القانون، والقراءات السياسية التي يمكن تقديمها على ضوء المخلفات المالية للوضعية الحالية.

وتتوزع الإجابة على الإشكالية المطروحة من خلال أربع نقط أساسية: أثر الجائحة على قانون مالية 2020؛ اتخاذ قرار وضع قانون مالي تعديلي؛ وانعكاسات الجائحة على مالية الجماعات الترابية؛ ثم أولى القراءات السياسية الممكن تقديمها للتداعيات المالية للجائحة.


[1] كمؤشرات دالة على ذلك ارتفاع التمدن الذي بلغ سنة 2019 62,9%، وأيضا معدل البطالة الذي تطور بين 2014 و2018 على النحو التالي: 9,9% سنة 2014، و9,7% سنة 2015، و9,4% سنة 2016، و10,2% سنة 2017، و9,5% سنة 2018.

[2] تم التأكيد في المذكرة التقديمية لمشروع قانون مالية 2020 على أن ظرفية إعداد القانون تتميز بـ “سياق دولي غير مستقر والذي تجسده التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية والاضطرابات المحتملة للأسواق المالية الدولية. بالنسبة لمنطقة اليورو الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، لا تزال المخاطر السلبية على النمو قائمة في العديد من الاقتصاديات الكبرى، بما في ذلك فرنسا وإسبانيا. وفي هذا السياق، من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 3 % سنة 2019 و3,4% برسم سنة 2020”.