نظم مركز تكامل مائدة مستديرة حول موضوع إكراهات البحث العلمي الجامعي، وذلك من أجل تبادل الأفكار بين أساتذة باحثين من مختلف التخصصات ومختلف الجامعات المغربية، هذا الحدث العلمي جاء لتدارس الإشكالات التي تعترض الأستاذ الباحث اليوم في ظل المتغيرات السياسية، والاجتماعية والأكاديمية، التي يعرفها البحث العلمي الأكاديمي المغربي خصوصا، ومحاولة البحث عن مقترحات حلول من أجل الرفع من مستوى البحث العلمي بالجامعة المغربية وتجويد الإنتاجات العلمية والفكرية للمراكز والمختبرات العلمية بمختلف الجامعات والتخصصات الأكاديمية.
Abstract:
Takamul Center has organized a round table on the subject: the constraints of university scientific research in order to exchange ideas amongst research professors in different academic disciplines and from various Moroccan universities. This scientific event was held in response to the different problems that confront the researcher, professor today in light of the political, social and academic variables that the Moroccan scientific research undergoes. The event also aimed at proposing efficacious solutions to promote the level of scientific research at the Moroccan University and improve the quality of the scientific and intellectual productions of the myriad of centers and laboratories in various universities and academic disciplines.
فيما يتعلق بالمحور الأول: تحديد ماهية البحث العلمي وقيمته؛ تم منح الكلمة للمتدخلين بشكل متناسق حيث تدخل السادة الأساتذة بمداخلات تحترم تدرج المحورين، ففي كلمته التأسيسية قدم الأستاذ فريد لمريني[1] تعريفا للعلم باعتباره مؤسسة لها نظام وهيكلة بحثية قوية يتوجب حمايتها بتشريعات قوية، وقدم مثالا مفاده أن الدول المتقدمة تخصص للعلم مؤسسات تحميه لا لشيء سوى لأنه يبحث عن حلول ويفهم الظواهر.
بعدها تدخلت الأستاذة مارية بوجداين[2]، والتي اعتبرت أن البحث العلمي ملازم لعملية التعليم داخل الجامعة ولا يمكن الحديث عن أحدهما دون الاخر، مؤكدة أن تعريف البحث العلمي يكون من خلال الغايات التي يروم تحقيقها “اكتشاف المجهول”، لتبين أيضا أن القاعدة القانونية ظاهرة اجتماعية لاتقف عند حدود البعد النظري بل تستدعى المزاوجة بين النظري والعملي.
لتليها كلمة الأستاذ محمد الغالي[3] الذي تحدث عن مفهوم الهوية والمجموعة العلمية، مبرزا أن الإشكال في جامعاتنا يكمن في كون بنيات البحث العلمي عاجزة عن تجسيد مفهوم الهوية البحثية، كما أن مفهوم الهوية يخدم أجندات ويكون نسقا إيديولوجيا؛ بعدها تدخل الأستاذ محمد همام[4]، والذي تحدث عن وضع الأستاذ الجامعي الذي يقوم بالتأطير والتدريس ومهام البحث العلمي، مقدما أسماء لهامات علمية مغربية قاسمها المشترك إنجاز بحوث ودراسات بالمعنى الحقيقي للكلمة، المعنى هنا هو أن يكون البحث العلمي مواكبا للجديد المجتمعي، مع ضرورة التمييز بين التأليف البحثي الجامعي والتأليف المدرسي من أجل خلق جامعة مستقلة فكريا وسياسيا وبعيدة عن سلطة المال.
وبخصوص المحور الثاني: إكراهات البحث العلمي، فقد أبرز الأستاذ فريد لمريني بأن هناك عوائق كثيرة تحد من السلطة الاعتبارية للجامعة على صعيدين، أولا على صعيد المؤسسة و ثانيا على صعيد الأفراد. فالجامعة المغربية بالنسبة إليه تنظر إليها الدولة كمشاريع تكوين وأن الحوار بينها –أي الجامعة- و محيطها شبه معدوم، إضافة إلى ضعف تمويل البحث العلمي وكذا العائق التكنولوجي. هي نفس الفكرة التي بدأت بها الأستاذة مارية بوجداين مداخلتها، حيث اعتبرت أن هناك أزمة تمويل بالجامعة المغربية، مع تمييزها في حجم التمويل بين تخصصات العلوم البحثية والعلوم الاجتماعية والإنسانية.
فيما يتعلق بمداخلة الأستاذ محمد همام فقد أكد على أن الجامعة المغربية تعاني التهميش لأن الأنساق السياسية والعقائدية تخاف من الجامعة والبحث العلمي، كما أن المناخات السياسية تريد طالبا تقنيا ولا تريد طالبا فاعلا من الناحية الاجتماعية. وهذه الفعالية الاجتماعية هي نفسها التي تحدث عنها الأستاذ محمد الغالي الذي أكد بدوره على ضرورة توافر مصفوفات ما بين الجامعة والمؤسسات القرارية متسائلا عن مصير أبحاث الماستر والدكتوراه.
وفي كلمتهم ما قبل الختامية اعتبر الأستاذ فريد لمريني أنه لا يمكن للعلم أن يشتغل إن لم يكن حرا مستقلا ومبادرا، إضافة إلى بناء علاقة مهنية سليمة بين المشتغلين بالجامعات المغربية، في حين اعتبرت الأستاذة مارية بوجداين أن أهم عائق يواجه الجامعة هو الاكتظاظ وماله من انعكاسات سلبية على التأطير والتدريس. أما الأستاذ محمد همام فقد انتهى بتأكيد انفتاح الجامعة على المجتمع لتضمن لنفسها دينامية مجتمعية، لأن الأستاذ الجامعي يحس بالاختناق وغياب الحرية والابداع داخل الجامعة بل ونحس أننا نعيش داخل أسوار معزولة اسمنتيا ونفسيا. ليأتي الدور على الأستاذ محمد الغالي الذي لخص تدخله في نقطتين، الأولى اعتبر فيها أن الإنتاج والتسويق مرتبط بثنائية العرض والطلب (التضخم والركود)، أما الثانية فقد أكد فيها على الاعتماد المباشر لتدخل الدولة في السياسات البحثية.
انتهت المائدة المستديرة بأفكار استشرافية في سبل تألق البحث العلمي يمكن تلخيصها كما يلي:
[1] رئيس شعبة الفلسفة بالكلية المتعددة التخصصات، الناظور
[2] منسقة ماستر القانون، السياسات العمومية والتنمية، جامعة عبد المالك السعدي.
[3] مدير مختبر الأبحاث القانوني وتحليل السياسات بكلية الحقوق- مراكش
[4] المنسق الييداغوجي لماستر الصياغة القانونية وتقنيات التشريع، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أيت ملول.
زكرياء نصرالدين
متصرف تربوي، طالب باحث بسلك الدكتوراه كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ابن طفيل القنيطرة.
Administrateur Pédagogique, Doctorant au sein de la faculté des sciences Humaine et Sociales IBN TOFAIL Kenitra.