ما من مؤرخ سيتمكن من استرداد التاريخ العربي المعاصر، دون أن يربطه بمسلسل الحراك الشعبي العربي الحالي. الذي ظل منذ شرارة البوعزيزي بقرية نائية (سيدي بوزيد) بتونس أواخر سنة 2010، إلى اليوم يعرف تقلبات سياسية واجتماعية، أدت إلى استبدال نخب ودساتير سياسية بأخرى. فما الذي أوصل الشارع العربي إلى حد الانفجار؟ ما هي العوامل التي دفعت به إلى الثورة على الحكم السلطوي؟ هل من عناصر تحليلية لما يقع في العالم العربي؟ ثم ما هي المسارات التي قطعتها هذه الثورات؟ وما هي مآلاتها بعد سنتين من اندلاعها؟ هل نحن أمام ثورات فعلا؟ أم أمام تغيير في النخب الحاكمة فقط؟
سيكون من المجازفة الاقتراب بشكل موضوعي من حدث لا يزال يعرف غليانا، ولا زالت مساراته ومآلاته لم تحسم بعد. بيد أن، الحاجة الأكاديمية لتفسير ما يقع تدفعنا لركب غمار هذه المجازفة، مع الحرص كل الحرص على اعتماد الأدوات العلمية في التفسير، التي تترك بيننا وبين الحدث مسافة معقولة للمقاربة الموضوعية.
من هذا المنطلق تحيلنا الأسئلة السابقة على ملاحظتين: أولا: أن دراسة ما يحدث في المنطقة العربية من حراك، يحتاج إلى التدقيق في كيفية الانتقال من حدث مجرد، متمثل في حرق الذات (البوعزيزي)، إلى حدث مجتمعي ولد حراكا مجتمعيا، أدى إلى انهيار أنظمة سياسية. ثانيا: أن معالجة هذا الحدث العربي يستدعي مقتربا علميا “كمرشد عمل”، مساعد للتعرف على مسارات وتوجهات هذا الحراك ومآلاته.
تحيلنا هذه الملاحظات على العناصر التحليلية التالية، البحث عن “براديغم” ملائم للاقتراب من فهم هذا الحراك الشعبي، ثم البحث عن العوامل المفسرة لحالة الانفجار الشعبي، في وجهة أنظمة سياسية باتت حتى وقت قريب مستعصية عن الزوال، بل ظلت قادرة على إعادة إنتاج ذاها والتصدي لأي مشروع إصلاحي بديل. ثم الانتقال من تفسير ما يجري إلى قراءة مآلات الراهن ومحاولة التنبؤ بما سيجري.
Abstract
This paper seeks to answer a central question about the causes and outcomes of the Arab revolutions, and the main variables in the process of democratization in the Arab region, so that the paper concludes that any democratic transition remains conditional on the presence of political, economic and cultural variables responsible for consolidating constitutional institutions, separating power and achieving social justice as called for By the protesters.
عبد الإله السطي
أستاذ باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن زهر أكادير، من إصداراته ما بعد الإسلام السياسي في المغرب، الملكية والمعارضة الإسلامية ثم صناعة القرار السياسي بالمغرب. تنصب انشغالاته على دينامية الحركات الإسلامية في شمال إفريقيا، وقضايا التحول الديمقراطي بالمنطقة العربية.
Assistant professor in political science at Ibno Zohr Uneversity, and publishef author of books entitled Post-islamism in Morocco and Monarchy and the islamists in Morocco. His research focuses on political and social transformations in the Arab region.