نُشرت هذه دراسة نشرت ضمن المؤلف الجماعي الذي أصدره مركز تكامل للدراسات والأبحاث سنة 2016 بعنوان: “تشريعيات 2016 بين إنعاش الآمال وتكريس الإحباطات: قراءة في النتائج والتداعيات“
مقدمة:
تعتبر انتخابات 07 أكتوبر 2016 عاشر انتخابات برلمانية يشهدها المغرب منذ استقلاله، والرابعة من نوعها منذ تولي الملك محمد السادس الحكم عام 1999، والثانية بعد دستور 2011، الذي نص في الفصل (11) منه على أن “الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي” وأن ” السلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المترشحين، وعدم التمييز بينهم”.
فرغم مرور أكثر من نصف قرن على الممارسة الانتخابية في الحياة السياسية المغربية، إلا أنها لم تقطع مع العديد من الممارسات السلبية التي كانت تطبع سنوات “الجمر والرصاص”، أكيد أن وزارة الداخلية، لم تعد تتدخل بقوة لترسم الخرائط والنتائج كما كانت تفعل قبل عقود، لكن حضورها “السلطوي الناعم” لازال مستمرا في تدبير العملية الانتخابية.
فانتخابات 07 أكتوبر، جاءت في سياق سياسي متوتر، يتسم بالصراع والتدافع بين الفاعلين السياسيين حول المواقع داخل اللعبة السياسية؛ لذلك تبقى الانتخابات أهم محطة سياسية في نظرهم التي من خلالها يتمكنون من الحفاظ على مواقعهم السياسية والمؤسساتية والوصول إلى الموارد المادية والرمزية. لكن في لعبة حماية المواقع هذه تقع جملة من السلوكات السلبية التي من شأنها أن تؤثر على سلامة ونزاهة العملية الانتخابية.
فإذا كان شرط النزاهة الانتخابية مضمونا بمقتضى الدستور كما جاء في الفصل الحادي عشر منه، كما أشرنا إلى ذلك من قبل، فإلى أي حد كانت انتخابات 07 أكتوبر نزيهة في أعين الفاعلين الحزبيين؟ للإجابة عن هذا السؤال ستحاول هذه الورقة الوقوف عند تصريحات بعض الفاعلين الحزبيين الذين كشفوا عن مواقفهم من نزاهة هذه الانتخابات، سواء من خلال تصريحاتهم الصحفية أو بياناتهم الحزبية.
إن الغاية من إجلاء سؤال النزاهة الانتخابية في خطاب الفاعلين الحزبيين، تكمن في رصد الاختلالات والأعطاب التي تفرزها الممارسة الإمبريقية للفاعلين السياسيين، لأن النصوص الدستورية والقوانين الناظمة للانتخابات مهما كانت تمنح من ضمانات لإرساء انتخابات نزيهة، فهي على محك الممارسة السياسية كثيرا ما تضعف وتتهشم، لاسيما في ظل سياق سياسي يتسم بالسلطوية.
فالبحث في نزاهة انتخابات 07 أكتوبر يقتضي تقديم تعريفات لمفهوم النزاهة الانتخابية كما تم تناوله داخل أدبيات العلوم السياسية.
محمد ضريف
حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والقانون الدستوري من جامعة محمد الخامس، وكذلك درجة الإجازة في الدراسات الإنجليزية من جامعة ابن طفيل. قام الباحث بتأليف مقالات ودراسات حول قضايا تتعلق بالانتخابات والتحول الديمقراطي والحكامة المؤسسية.