التنظيم الإداري الترابي بالمغرب في زمن كورونا: من نظام إداري للأزمة إلى فرصة لبناء طريق ثالث للامركزية ترابية

مقدمة:

يحق للإنسان أن يتُوق للأفضل ومن واجب السياسة والإدارة السعي لتحقيق ذلك، سيما في ظل تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد19) الذي تحول إلى جائحة عالمية، وسبب الخوف من الموت ونشره، وما يعنيه ذلك من مساس بالحق الجماعي في الحياة، واستعداد الإنسان لقبول ما لم يكن ليقبله في الحالات العادية، حيث تنازل عن كثير من الحقوق والحريات الفردية والجماعية لصالح الأمن العام الصحي، بل وقبِل بنُظم إدارية مركزية اختلفت في شدتها بين دول المعمور.

لم يخرج النظام الإداري المغربي عن هذا الإطار، إذ وجد نفسه مدعوا لمراجعة الترتيبات القانونية ومعها الترتيبات الإدارية، التي أفضت إلى نظام مركزي قوي.

الأمر الذي يدفع إلى طرح التساؤل حول معالم هذا النظام الإداري للأزمة؛ فهل كان من الضروري تدخل الجماعات الترابية في تدبير جائحة كورونا؟ وإن كان ضروريا فهل كان ممكنا؟ وما هي الدروس المستخلصة ولو في شكلها العام وغير المكتمل؟ كيف استطاع النظام الإداري المركزي العودة بسرعة وقوة للواجهة، وأن يجعل المعادلة بينه وبين اللامركزية تميل لصالحه؟ هل كان من الممكن تصور نظام إداري في ظل جائحة كورونا أفضل ممّا كان عليه؟ هل يمكن القول اننا مررنا بتمرين إداري كشف العمق الحقيقي للتنظيم الإداري الترابي المغربي، مُعلنا عن نموذج لتنظيم إداري للأزمات يمكن اللجوء إليه مستقبلا؟

من هذا المنطلق، تهدف هذه الدراسة إلى رصد مبررات عودة المركزية إبان تدبير الأزمة، مع محاولة استشراف أفق إعادة بناء نظام إداري لامركزي يستفيد من درس الجائحة.