مقدمة
مرة أخرى كشف الوضع السياسي المتحرك في السودان والمفتوح باتجاه مزيد من التأزيم، وابتعاد الأطراف الفاعلة عن إيجاد حلول مقبولة، عن عمق الأسباب والعوامل المعرقلة لعملية التحول نحو الديمقراطية بالمنطقة العربية، وضبابية العلاقة بين مكونات المجتمعات عندما يتعلق الأمر ببنية الدولة وتشكيل السلطة الجديدة، وخاصة لإشكالية الحكم بين العسكريين والمدنيين باستحضار نماذج أخرى لذات الإشكالية، كما هو الحال كمثال في تجربة مصر منذ سنة 2011 والجزائر في العام 2019.[1]
ارتباك الوضع ودخول تجربة السودان في مسارات عاصفة، زادتها عصفاً مستجدات تقديم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لاستقالته في الثاني من يناير 2022، وتجدد التدخلات الأمنية العنيفة مؤخراً بحق المحتجين ضد حكم العسكريين، وذلك حتى بعد الاتفاق السياسي الجديد الذي جرى بين الجيش ممثلاً بقائده عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء المقال عبد الله حمدوك يوم 21 نونبر 2021، والذي ينص في تفاصيله على حوالي أربعة عشر بنداً، أبرزها (التأكيد على المدخل الدستوري للانتقال من خلال التشبث بالوثيقة الدستورية لسنة 2019 وتعديلاتها اللاحقة- تشكيل حكومة كفاءات برئاسة حمدوك- الإسراع في استكمال تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي وإطلاق حوار وطني موسع).
[1]– عسكرة السياسة وتجديد السلطوية حالة حقوق الانسان في العالم العربي، سلسلة قضايا الإصلاح عدد 38، منشورات مركز القاهرة لحقوق الانسان، تونس، 2018.
توفيق عبد الصادق
أستاذ باحث بكلية الحقوق-السويسي/جامعة محمد الخامس بالرباط. تتناول أبحاثه الحركات الاجتماعية وقضايا الانتقال الديمقراطي، كما يهتم بدراسة المواضيع والتطورات المرتبطة بالسياسة الدولية.