إدارة الأمم المتحدة لنزاع الصحراء: دراسة للمتغيرات السياسية والقانونية بعد 2007

Abstract

This report thoroughly examines the fundamental scientific and methodological standards associated with a dissertation focusing on “The United Nations’ Management of the Sahara Conflict: An Examination of Political and Legal Variables Post-2007.” It begins by elucidating the inherent cognitive domains encompassing international relations, international law and diplomatic, politics international, international organization, and foreign policy.

Subsequently, it outlines the methodological framework adopted in the study, which encompasses a diverse range of approaches and conflict analysis tools. Additionally the report explores the theories underpinning the analysis, including Crisis management theory, Decision-Making theory, and Game theory, supplemented by an examination of UN documents and data such as reports by the Secretary-General, Security Council resolutions,  statement of the Personal Envoy, and session transcripts.

Moreover, the report elucidates how this study contributed to deriving conclusions and insights pertinent to the legal and political dimensions intertwined with the subject matter, and evaluating the pertinent variables, all within the framework of the prevalent binary division.


ناقشت الطالبة الباحثة راغية البلعمشي، يوم 8 أبريل 2024، في جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –أكدال الرباط، أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، تحت عنوان “إدراة الأمم المتحدة لنزاع الصحراء: دراسة للمتغيرات السياسية والقانونية بعد 2007، وتناولت في تقريرها أهم المعطيات العلمية المرتبطة بالموضوع شكلا ومضمونا، وذلك انطلاقا من ثلات مستويات عبرت عنها كما يلي:

المستوى الأول: في المنهج وأدوات التحليل

المستوى الثاني: هيكلة ومحاور الدراسة.

المستوى الثالث: عرض النتائج والخلاصات.

وأشارت إلى أن نزاع الصحراء لا يمكن إخراجه عن التفاعلات الدولية من وجهة نظرعلم العلاقات الدولية، باعتباره تفاعلا تنازعيا يتطلب تدبيرا وإدارة وتسوية، من أجل إيجاد حل متوافق عليه.

 كما أوضحت أن تعدد زوايا مقاربة هذا الموضوع يجعل منه موضوعا عابرا لمجالات معرفية مختلفة ومتداخلة، بدء القانون الدولي والدبلوماسي إلى السياسة الدولية مرورا بالتنظيم الدولي، دون إغفال حقل السياسة الخارجية، الأمر الذي يجسد الأهمية النظرية للموضوع، تعززها أهمية من الناحية العملية تتمثل في التناول النظري القانوني والسياسي للتعامل الأممي مع إدارة حالة تتمثل في أحد أقدم النزاعات وأكثرها تعقيدا هي “نزاع الصحراء”.

* قانونيا (من زاوية القانون الدولي) يندرج هذا الموضوع ضمن قواعد ميثاق هيئة الأمم المتحدة، ودوارها في تدبير النزاعات الدولية، إضافة لقواعد القانون الدبلوماسي، خاصة قواعد اتفاقية فيينا الشارعة لسنة 1969م التي تحدد شروط وكيفيات التفاوض وإبرام المعاهدات الدولية.

* مؤسساتيا (من زاوية التنظيم الدولي) فإن هذا الموضوع يندرج ضمن الاختصاص الحصري لمجلس الأمن طبقا للفصل السادس من ميثاق هيئة الأمم المتحدةبشأن التدابير السلمية لحل النزاعات.

*سياسيا) من زاوية علم السياسة والعلاقات الدولية (يندرج الموضوع ضمن مجال تدبير النزاعات التي يكون أحد أطرافها دولة والطرف الآخر حركة انفصالية، وهو نزاع لا تستقيم معالجته دون استحضار الأبعاد السياسية المرتبطة بطرفي النزاع وبتوازنات القوى، إقليميا ودوليا، في إطار ما يعرف نظريا بفن توزيع القوة.   

واعتبرت أن البحث في هذا الموضوع يكتسى أهمية كبرى، من خلال منسوب الأهمية النظرية، أخذا بعين الاعتبار طبيعته التي تتضمن بعدا داخليا، باعتبار النزاع قائم بين دولة وحركة انفصالية، وبعدا إقليميا، ودوليا.

إضافة للأهمية العملية التي تستمد زخمها من الأحداث السياسية التي شهدتها وتشهدها المنطقة ككل، فضلا عن أهميتها الاقتصادية، ما يجعل من هذا البحث شأنا استراتيجيا، تزداد أهميته باستحضار تداعياته المستمرة إقليميا ودوليا، ناهيك عن تأثير مآل النزاع إيجابا أو سلبا على جواره الجغرافي بمنطقة الساحل والصحراء

كما قدرت أن تعدد وتداخل مجموعة من العناصر، خلق صعوبة على مسار البحث، خاصة فيما يتعلق بالمتغيرات السياسية والقانونية كسمة من سمات موضوع الدراسة، التي لم يكن من السهل التعاطي معها، خاصة في ظل تداخل السياسي بالقانوني في تدبير مجلس الأمن لهذا النزاع، على اعتباره أن قرارات المجلس تعبر عن إرادة المنظمة ككل في إطار ما هو مخول لها وفق القوانين والأعراف المرعية.

 معتمدة على المنطق القائل أن لكل نزاع دورة حياة معينة، من الناحية الكرونولوجية، ومن ناحية قياس الشدة، ومستوى التصعيد، وطبيعة الإدارة، فلا يمكن لأي نزاع  أن يكون أزليا، وفقا لمسار واستراتيجية معينة، طالما ظلت الرغبة في التسوية قائمة، ولتحديد المسارالذي تخده نزاع الصحراء منذ 2007.

مستعينة بالرسم التخطيطي الذي يهم مسار النزاع المستوحى من بناء المنحنى ” للويس كريسبرغ”، ما يفسر عدم سلاسة تعاطي منظمة الأمم المتحدة مع الملف، نظرا للمدة الزمنية التي استغرقها، وعدم وضوح المدة الممكنة لإنهائه.

هذه المعطيات فرضت عليها منذ البدء تصميما وهيكلة معينة للجواب على الإشكالية التي أعلنت عنها إنطلاقا من مجموعة من الإعتبارات أهمها تلك المرتبطة بالأساس بطبيعة القانون الدولي (ضعف قوة الإلزام)، والنظام الدولي (غموض راهن النظام الدولي الجديد ما بعد انهيار القطبية الثنائية)، والتنظيم الدولي المطبوع ب(القرار التوافقي)، فضلا عن الخصوصيات المتعلقة بنزاع الصحراء، كلها عوامل دفعتها لطرح مجموعة من التساؤلات

هذه التساؤلات همت بالأساس مدى فعالية ونجاعة الإدارة الأممية للنزاع، وطبيعة الأسباب التي فاقمت جمود مسارها في نقطة المفاوضات غير المنتجة؟ ما يطرح قلقا إشكاليا حول واجب إتباع نفس النهج الخاص بالمفاوضات، أو التفكير في تبني اتجاهات أخرى في إطار إدارة ووساطة الأمم المتحدة، لخلق نفس جديد للتسوية؟ وهو ما يسعف من طرح الإشكالية المؤطرة للتحليل، والإفصاح عنها على الشكل التالي:

تأثير موازين القوى الإقليمية والدولية، وحركية أطراف نزاع الصحراء في تطوير وبلورة صنع القرار الأممي حول هذا نزاع، منذ سنة 2007، إعمالا بمقتضيات الفصل السادس من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، بشأن التدابير السلمية لحل النزاعات.

هذه الإشكالية التي حاولت الأطروحة الإجابة عنها إنطلاقا من من مجموعة من الأدوات المنهجية والعلمية، التي ساهمت في قراءة النزاع داخل معطياته، والتي منها:

مقاربة تحليل النزاع:

  • مقترب هارفارد: القائم على اختلافات المواقف من جهة والمصالح من جهة أخرى، حيث يركز على المصالح عوض المواقف كإطار للتفاوض مع الطرف الأخر.
  • مقترب الاحتياجات الإنسانية: الذي ينطلق من كون النزاعات تكمن في مجموعة من الاحتياجات الإنسانية التي لم يتم إرضائها، وتدعو إلى تحليل هذه الاحتياجات والعمل على إرضائها قصد الوصول إلى الحل.
  • مقترب تحويل النزاع: الذي يهتم بوضع حدود للنزاع من خلال ربط النزاع بالبيئة التي نشأ فيها ومحاولة تجديد هذه العلاقة، قصد تغيير شكل النزاع.

أدوات تحليل النزاع:

 حيث اعتمدت على مجموعة من الأدوات، والتي تم توظيفها في في تنزيل ودراسة المادة البحثية، قصد الوقوف على مجموعة من العناصر، كما هو الحال: للدينامية، والفواعل، والأسباب، والبنى، والقضايا، والخيارات، والاستراتيجيات…، إلى غير ذلك من العناصر.

كما تمت استعانت بنموذج التصعيد لـ”غلاسل”، الذي يمكن من دراسة درجة تصعيد أطراف النزاع، على مستوى الفعل والتفاعل.

أما فيما يخص تحليل السياق أو التحليل الاستراتيجي للموضوع

فقد قامت فيه بربط الأهداف بالبيئة على أساس المعطيات الداخلية والخارجية وتفاعلها مع مسلسل اتخاذ القرار وتقييم مدى النجاعة والفعالية، بالإضافة إلى تحديد الخيارات والطرق الواجب اعتمادها.

وذلك من خلال التحليل الرباعي (SWOT)الذي يتأسس على تحديد نقط القوة والضعف، إضافة للتهديدات والفرص.

ونظريا تم تحديد النظريات التي تم العمل من خلالها وفق بناء نظري اعتمد بالأساس على:

  • نظرية إدارة الأزمات من خلال إسقاطها على دور هيئة الأمم المتحدة في إيجاد حل لنزاع الصحراء، مع تحديد وقياس مدى فعالية إدارتها وتفاعلها مع أطراف النزاع والحلول المقدمة من طرفهم.
  • نظرية صناعة القرار: باعتبار القرار عملية جماعية متكاملة تتداخل فيها مجموعة من العناصر المعنية بصناعة هذا القرار.
  • نظرية اللعبة: من خلال دراسة “العقلانية” في تعاطي كل طرف من أطراف النزاع مع الملف من داخل وخارج المنظمة، مع احتساب النتائج ووضع الإستراتيجيات.

وعبرت على ان الغرض من هذه الدراسة ليس فقط قياس النجاعة في إطارها المؤسساتي، ولكن تحليل وتقييم ادارة الأمم المتحدة، في إطار تفاعلاتها الداخلية والخارجية، من خلال بناء منهجي، اعتمد بالأساس على المنهج النسقي، باعتباره المنهج الذي يدرس طبيعة السلوكيات الناتجة عن بنية أو مجموعة من البنيات، وطبيعة التفاعلات الوظيفية المفسرة للسلوكيات السابقة، فهو من المناهج التي تتناول الظاهرة المدروسة باعتبارها نسقا يتفاعل مع أنساق خارجية أخرى عبر سلوكيات تحددها تفاعلات وظائف بنياته الداخلية.

منطلقة من كون الموضوع ارتبط بثلاثة انساق متفاعلة: النسق الدولي (الأمم المتحدة والقوى العالمية الكبرى)، والنسق الإقليمي (المحيط الإقليمي للنزاع)، و(النسق الداخلي) لأطراف النزاع، وداخل كل نسق هناك بنيات تتفاعل فيما بينها لكي تحدد سلوك نسق الاتجاه الآخر.

أيضا تم تبني منهج تحليل المضمون: الذي ساعد على تحليل القرارات والتقارير وغيرها من الوثائق الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، وذلك موازاة بالمنهج المقارن حسب ضرورة البحث.

منهج دراسة الحالة: الذي يهم دراسة حالة التدبير الأممي لنزاع الصحراء كنموذج منفرد يعتمد على سرد المسار الذي اتخذه هذا النزاع، والمتغيرات التي شهدها منذ سنة 2007، ثم وضع هذا النزاع في إطار التفاعلات الدولية وموازينها، بغرض البحث عن السبل العلمية والنظرية التي من شأنها التسريع إيجاد حل وتسوية النزاع.

وهو ما أسس لفرضية تمحورت بالأساس حول تضاؤل هامش تحرك منظمة الأمم المتحدة، في ظل الهوة الكبيرة بين إصرار المغرب على مقترح الحكم الذاتي، وتشبت البوليساريو بفكرة الإستفتاء، كما هو الشأن بخصوص عمل بعثة الأمم المتحدة في الصحراء التي يرى فيه المغرب أن مهامها تقتصر على المراقبة العسكرية بينما البوليساريو تطالب بتوسيع مهمها لتشمل حقوق الإنسان، وإنطلاقا من هذه المفارقات عمدت الأمم المتحدة لتوسيع دائرة المحاورين قصد ضمان أطول فترة ممكنة من السلم في المنطقة.

وإنطلاقا من كل هذه الإعتبارات النظرية، قسمت البحث الى قسمين كالتالي:

اهتم القسم الأول بدراسة صنع القرار الأممي المرتبط بنزاع الصحراء منذ 2007، مع إبراز صلاحيات الأمانة العامة، على مستوى الآليات المركزية من خلال التطرق  لصلاحيات الأمين العام الإدارية والسياسية، مع دراسة تحليلية للتقارير في بعدها السياسي، وبعديها الأمني والإنساني، وعلى مستوى الآليات الميدانية، من خلال تحديد آليات الأمانة العامة السياسية، والدبلوماسية، والأمنية والإنسانية، انطلاقا من إبراز عناصر كل آلية، وتحديد مكامن الخلل فيها، تفاعلا مع ما هو متاح للأمين العام في إطار إنتدابه لكل من المبعوث الشخصي والممثل الخالص، وتقييم هذه الصلاحيات مع اقتراح توجهات جديد  للبحث عن حل في مسار تحويل النزاع كما هو الحال عند استحضار مبدأ التقادم في أدبيات القانون الدولي.

من جانب أخرتم الوقوف على صلاحيات مجلس الأمن في إدارة النزاع من القرارات الصادرة والاختصاص الحصري الذي يحظى به هذا الأخير، من خلال إعداد وتقديم مسودات مشاريع القرارات، مرورا بالمشاورات القبلية وجلسات ومحاضر التصويت قبلا الاعتماد النهائي لكل قرار جديد، مع دراسة وتحليل مضمونها إنطلاقا من المدخلات المؤثرة في صناعة القرار من خلال الوثائق، وتفاعل كل من أطراف النزاع والمتدخلين فيه، مع الوقوف على المخرجات الواردة في القرارات، والتي تهم أطراف النزاع وموظفي وأعضاء المنظمة.

أما بخصوص القسم الثاني، فقد اهتم بمحددات صناعة القرار الأممي المرتبطة بالموضوع، من خلال التطرق للمحددات المرتبطة بأطراف النزاع، عبر إبراز تعاطي المملكة المغربية مع الملف على المستوى الدبلوماسي والميداني، وتعاطي جبهة البوليساريو على المستوى السياسي والميداني، دون إغفال المحددات المرتبطة بكل من الجزائرالتي تعد طرفا أصيلا في النزاع، إنطلاقا من  دبلوماسية تصريف الطرح الإنفصالي، وقياس تدخلها المباشر في الملف، وموريتانيا باعتبارها طرفا ملاحظا وانعكاس استمرارية النزاع على وضعها الإقليمي، مع التطرق لمرتكزات موقفها المبني على الحياد من هذا النزاع وإبراز أسبابه ومسبباته.

كل ذلك دون إغفال المحددات المرتبطة بموازين القوى الدولية والإقليمية، وبالخصوص المحددات الدولية لموقف منظمة الأمم المتحدة من قضية الصحراء، خاصة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، والمحددات المرتبطة بالمنظمات الدولية الحكومية الأخرى سواء تلك التي تضم المغرب في عضويتها أو تلك التي لا بعتبر عضوا فيها، دون إغفال المحددات الإقليمية لموقف المنظمة من النزاع، كما هو الحال للمحددات الإستراتيجية في مواجهة قيام دولة جديدة بالمنطقة في شقها الأمني والسياسي، والمحددات التنموية كاساس للاستقرار الإقليمي، انطلاقا من النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي يشكل إطارا لتذويب الهواجس الأمنية، ومقترح الحكم الذاتي بإعتباره أرضية تسوية سياسي واقعي وذو انعكاس تنموي.

انطلاقا مما تقدم، وما هو متاح في متن الأطروحة التي تم الإنتهاء من الإشتغال عليها  في شهر غشت 2023، يمكن استخلاص مجموعة من الاستنتاجات والخلاصات المركزية، التي ستعرض تدريجيا أمامكم  نظرا لضيق الوقت والتي تهم بالأساس:

صلاحيات الأمانة العامة، والتقارير الدورية، ومهمة المبعوث الشخصي، وبعثة “المينورسو”، ومجلس الأمن، عملية اتخاذ القرار، لمعنيين بالنزاع والمتدخلين فيه إقليميا ودوليا، الامتداد الزمني ودينامية التفاعلات التاريخية.