الأجندة الدستورية للبرلمان المغربي خلال حالة الطوارئ الصحية

مقدمة:

أبان انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، عن الحاجة إلى الاجتهاد واتخاذ المبادرة من أجل التأقلم ومواكبة الظرف الاستثنائي المفروض على مختلف الأصعدة، وأساسا في جانب الاجتهاد القانوني والتأويل الحذر، حماية لمصالح المجتمع منطلق ومنتهى القانون، وذلك بملائمة القوانين للوضعية المستجدة، وباستلهام المبادئ والتوجهات العامة لروح ولنص الدستور، ومدى استجابة هذه الاجتهادات للرؤية المستقبلية التي يطمح إليها كل مكونات هذا المجتمع والمتمثلة عموديا على الأقل في تخفيف الضغط والحفاظ على المكتسبات، وباستشراف الحالة المستقبلية المتوقعة، إن لم نقل، المطالبة إلى الرجوع إلى الحالة العادية. ولا شك والحالة هاته، أن مشروعية ذلك، ترجع إلى كون مجموعة من الأحداث والوقائع لم يتم تنظيمها لا دستوريا ولا قانونيا، لأنها من الحالات التي لم تحدث في العصر الحالي. ولذلك ظهر أننا في أمس الحاجة إلى عميق الاجتهاد وسداده، ما دام أن الوضعية مستجدة وغريبة إلى حد ما. فما هي المرجعيات التي وجب الاعتماد عليها سواء على سبيل الاجتهاد أو التأويل؟

ومن نافل القول أن مبتدأ القانون ومنتهاه هو حماية المجتمع والمصلحة العامة بتنظيم مختلف العلاقات بين الأفراد والجماعات، وتسهر على ذلك، في شمولية التعريف، الدولة الحاضنة لهذا المجتمع، فتفسير وتأويل النصوص والقواعد مطلوب بالشكل الذي تقتضيه حالة الطوارئ المعلن عنها، والتي تتميز بظرف استثنائي. كما وجب التمييز الكامل والدقيق هنا بين حالة الطوارئ المعلن عنها، وحالة الاستثناء التي لها سياقاتها وشروطها، والتي تترتب عليها تبعات ووضعيات دستورية وسياسية.

وبطبيعة الحال فان الاجتهاد يرتبط بالأسباب الداعية له، وكما سبق وأن تطرقنا في مقال سابق، والذي تناول إقدام السلطة التنظيمية على الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، والمبادرة التشريعية لها بتقديم مشروع مرسوم بقانون مؤطر، عبر لجنتي البرلمان المعنيتين، خلال الفترة الفاصلة بين الدورة الخريفية والدورة البرلمانية الربيعية، حيث تم الاعتماد على الفصل 81 من دستور المملكة لسنة2011، والذي تم تقديمه بعد افتتاح الدورة الربيعية على شكل مشروع قانون تم اعتماده من طرف البرلمان وفق المسطرة التشريعية العادية.

تحاول هذه الورقة، رصد الإجراءات المعلنة، وتقييم القرارات المتخذة من زاوية النص الدستوري من طرف قِبل البرلمان المغربي، بدءا من الإعلان عن اتخاذ قرار افتتاح الدورة التشريعية وما واكبها من قرارات وإجراءات، ارتبطت بممارسة عضو البرلمان لمهامه المنصوص عليها بالدستور المغربي، وخاصة تلك التي تفرض حضوره المستمر بفضاء السلطة التشريعية.