التدخلات الاقتصادية للحكومة المغربية خلال حالة الطوارئ الصحية سؤال الفعّالية

مقدمة:

يمر الاقتصاد العالمي هذا العام بأسوأ ركود تعرض له منذ سنوات “الكساد الكبير” 1929، متجاوزا في ذلك كل تداعيات الأزمة المالية العالمية منذ 10 سنوات. فمن المتوقع أن يتسبب “الإغلاق العام الكبير” بسبب جائحة كوفيد 19، في انكماش النمو العالمي بشدة، ومن الأرجح، أن تكون نتائج النمو أسوأ بكثير. وسيحدث هذا إذا استمرت الجائحة وإجراءات الاحتواء مدة أطول، أو وقع ضرر أكثر حدة على اقتصاديات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أو استمر تشديد الأوضاع المالية، أو إذا ظهرت آثار غائرة واسعة النطاق بسبب إغلاق الشركات واستمرار البطالة.[1]

ويبدو أن الاقتصاد العالمي في مجمله، مقبل على انكماش حاد، قدره صندوق النقد الدولي بنسبة 3 بالمئة خلال العام الجاري[2]،وحسب توقعات منظمة التعاون تشير إلى انخفاض النمو بين 0.9 إلى 1.5 في المائة هذه السنة[3]، إنها الحرب والصراع ضد العدو اللامرئي واللامسموع فيروس كورونا الذي أدى إلى ارتفاع حالات الإفلاس بين الشركات وارتفاع البطالة في المجتمعات، ولاشك أن الفئات ذوي الدخل المحدود هم الأكثر عرضة وستكون لذلك تبعات اجتماعية واحتقانات وضغوط هائلة على الحكومات لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، من خلال برامج الإنقاذ والدعم المختلفة .

سارع المغرب، وكباقي الحكومات عبر العالم، منذ ظهور أولى حالات كورونا في الثاني من شهر مارس وبداية بوادر الأزمة، إلى التدخل ببرامج إنقاذ ودعم للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية وتقديم المساعدة للفئات المتضررة لتعزيز الاستقرار والسلم الاقتصادي والاجتماعي، وكانت أولى تدخلات الدولة هي خلق صندوق خاص بتدبير جائحة كورونا[4] بتعليمات من عاهل البلاد الملك محمد السادس من أجل تمويل الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا والحد من آثاره، كما وضع موقع الخزينة العامة للمملكة رهن إشارة الأشخاص الذاتيين والاعتباريين الراغبين في تقديم تبرعاتهم عن طريق تحويلات مصرفية بهدف تحفيز التبرعات، كما أعلنت المديرية العامة للضرائب أن الأموال الموجهة إلى صندوق تدبير جائحة كورونا سيتم التعامل معها كتدفقات قابلة للخصم من النتيجة الضريبة، وسرعان ما أعلنت عدة شركات عمومية وخاصة وهيئات مهنية مساهمتها، كما ساهمت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بحوالي 3.7 مليون يورو أي ما يقارب 40 مليون درهم و شخصيات سياسية و رجال أعمال سبق أن صنفتهم مجلة فوربىيس الأمريكية ضمن قائمة 100 رجل أعمال المؤثرين في الشرق الأوسط[5] .

إضافة إلى ذلك، تم خلق لجنة اليقظة الاقتصادية والتي عوهد إليها تدبير هذه الأزمة من خلال مجموعة من الإجراءات التي سنفصل فيها بعده. وقد وضعت الدولة كل هذه التدخلات والإجراءات،التي سنحاول التعمق فيها أكثر، كجدار وصد منيع في محاولة للتصدي لفيروس كورونا خاصة وأن الانعكاسات السلبية الناجمة عن الوباء على اقتصاديات العالم أصبح الكثير من المحللين ينعتونها بمعركة الظفر بالنصر ومعركة إعادة بناء للاقتصاد وإطلاق دواليب الإنتاج والسعي إلى إعادة حركية الإنتاج إلى وضعها الطبيعي، وإن كلف ذلك ردهًا من الزمن.

سنحاول من خلال هذه الدراسة البحثية أن نجيب على الإشكال التالي:

استحضارا لمعطيات تطور الحالة الوبائية لفيروس كوفيد 19 بالمغرب وتأثيرها على مجموعة من المجالات الحيوية للدولة كالاقتصاد والسياحة والتنقل والمال والأعمال، إلى أي حد ساهمت الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي اتخذتها الدولة عبر أجهزتها الرسمية وغير الرسمية في التخفيف من عبء الصدمة وتحقيق حالة العودة الاقتصادية والسلم والتوازن الاجتماعيين؟


[1]-“آفاق الاقتصاد العالمي” تقرير صندوق النقد الدولي، 14 أبريل 2020، موقع صندوق النقد الدولي https://www.imf.org، تصفح يوم 06/06/2020 على الساعة 22.00 

[2]-“آفاق الاقتصاد العالمي” المرجع أعلاه.

[3]– الموقع الرسمي  لصندوق النقد الدولي https://www.imf.org/، تصفح يوم 08/06/2020 على الساعة  21h30  

[4]– مرسوم رقم 2.20.269 صادر في 21 من رجب 1441 الموافق لـ 16 مارس 2020 بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم  “الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا (كوفيد – 19)” الصادر في الجريدة الرسمية، عدد 6865 مكرر، بتاريخ 22 رجب 1441 الموافق لـ 17 مارس 2020، ص 1540.

[5]– معطيات منشورة للعموم بمجموعة من المواقع الإلكترونية، وقد اعتمدنا موقع العمق الصحفي كمصدر للمعلومات المطروحة https://m.al3omk.com/، تصفح يوم 12/06/2020 علة الساعة  17h00