تدبير مخاطر الظروف الطارئة خلال أزمة كورونا فيروس كوفيد-19:ملاحظات وخلاصات

تعتبر أزمة كورونا كوفيد-19 أزمة عالمية غير مسبوقة في التاريخ المعاصر، تاريخ الألفية الثالثة، على اعتبار أن هذه الأزمة العالمية المطْبقة، تميزت بكونها جاءت في سياق صراع مرير على الزعامة العالمية بشكل مباشر، بين القوتين التجاريتين والعسكريتين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. دون أن ننسى تربصات روسيا ومحاولاتها في خلط الأوراق وجذبها في الاتجاه الذي يخدم مصالحها بأقل كلفة، ومحاولة الاستفادة من القوتين المنافستين لها في مصالحها الاستراتيجية خاصة على امتداد مجال الاتحاد السوفياتي سابقا.

واستمت أيضا هذه الأزمة، بأن ضرب الفيروس كل الدول، وأضعف قدرتها، خاصة على مستوى تحقيق التعاون والتضامن بينها، مما جعل الجميع يعطي الأولوية لمجابهة الأزمة داخليا دون الاهتمام بها خارجيا، رغم محاولات منظمة الصحة العالمية لتحقيق ذلك، خصوصا تجاه الدول الأكثر فقرا وحاجة، والتي لم تسلم بدورها من مؤثرات تنازع المصالح بين الدول المتصارعة على الريادة العالمية تجاريا وصناعيا وعسكريا.

وشكّل عجز الأبحاث العلمية، إلى حدود كتابة هذه الأسطر، عن وضع خريطة طريق واضحة في علاج الفيروس، أبرز خصائص الأزمة الوبائية الحالية، مما دفع إلى التشبت بالإجراءات الاحترازية والوقائية، التي تستلهم وتتحقق فعالياتها من خلال سلوك منضبط للمواطنين والمواطنات.

ولئن خلقت الأزمة ظروفا غير عادية على المستويات الاقتصادية والإجتماعية وغيرها، فإنها خلّفت تفاوتا كبيرا حول كيفية تدبير أحوال الناس بين ظرف العادية، وبين ظرف أصبح فريدا واستثنائيا. مما فتح المجال أمام طرح مجموعة من التساؤلات التي تتعلق بمسؤولية الأفراد، ومسؤولية الدولة ومختلف هيئاتها، في تدبير تداعيات هذه الظروف على مختلف الأصعدة. وإذا كانت الدولة المغربية من خلال سلطاتها الدستورية العليا، قد اتخذت مجموعة من الإجراءات الإستباقية، والتي وصلت إلى حوالي 200 إجراء للتخفيف على أوضاع الساكنة، ومحاولة التحكم في المخاطر المدمرة للفيروس على مستوى الأنسجة الاجتماعية والثقافية والإقتصادية وغيرها. فإنه هذه الورقة ستتمحور حول تقديم محاولة من أجل الجواب عن مجموعة من الإشكاليات القانونية والواقعية، التي طرحها تدبير الأزمة من حيث العلاقة بين محتلف السلطات عموديا وأفقيا، ومن حيث مدى واقعية وقانونية مجموعة من الحلول المتخذة.

المحور الأول: تمييز حالة الطوارئ عن الحالات غير العادية في الدستورانية المغربية

الفقرة الأولى: تمييز حالة الطوارئ عن حالة الاستثناء وحالة الحصار

الفقرة الثانية: إشكالات تدبير الأزمة وإرهاصات دور مؤسسات الوساطة

المحور الثاني: تداعيات تدبير الأزمة على المؤسسات في ارتباط بالوضعيات العادية

الفقرة الأولى: الأزمة في علاقتها بتدخل الجماعات الترابية وتحقيق الأمن الحضري

الفقرة الثانية: تأثير قرارات سلطة الرقابة على دور الجماعات خلال حالة الطوارئ