سؤال الهويّة بين وثوقيّة البُنى الدّينيّة الأصوليّة ورهان دولة المواطنة -المرأة أنموذجا–

نشرت هذه الدراسة ضمن مؤلف جماعي صدر عن مركز تكامل للدراسات والأبحاث سنة 2021: “الدولة وسؤال الهوية في المنطقة المغاربية -أعمال متكاملة –“، الكتاب متوفر في المكتبات وقابل للتحميل على الموقع الإلكتروني للمركز.


تمهيد:

يتنزّل مشغل هذه الورقة ضمن علاقة مسألة الهويّة بالدّينيّ من جهة، وعلاقتها بالسّياسيّ من جهة ثانية، وبصفةٍ أدقّ، ضمن التّعبيرات المتشنّجة للهويّة في خطاب الإسلام السّياسيّ. ولا تعتبر هذه الورقة معنيّة بالتّشكلات الحزبيّة الإسلامويّة، بقدر ما تهتمّ في هيكلتها العامّة بالهويّة مصطلحًا متردّدًا ومصطلحًا متكيّفًا متأثّرًا بأوضاع أخرى مجانبة للوضع الثّقافيّ. ولعلّ المنطقة المغاربيّة تمتلك الآلياتالتي تكشف بسرعة عن ذلك التردّد، كما تكشف بوضوح الجدليّة النّاعمة بين الهويّة كمعطًى تاريخيٍّ ثقافيٍّ، وبين الهويّة كصنيعةٍ حزبيّةٍ دينيّةٍ تتشابك مع المسألة السّياسيّة.

تسعى هذه الورقة إلى محاولة تفكيك إشكال الهويّة في الدّول المغاربيّة، من جانب ما علق به من إرباكٍ صاغته الأوضاع السياسيّة والاقتصادية والثقافيّة والاجتماعيّة الجديدة، خصوصًا بعد ثورات “الرّبيع العربيّ”؛ فالاهتمام المفاهيميّ تحدّد قبلًا عندما تصدّر مشغل الهويّة موضوع هذه النّدوة. وبين تصلبٍّ وتشنّجٍ وتوظيفٍ وانفتاحٍ تقلّبَ المفهوم، فنشأ ذاتيًّا واستقرّ قوميًّا، حتّى إنّالتّوقّف عند كلّ ذلك استدعى منّا عنصرًا مستقلًّا في باب التّحليل، عكس ماهو متعارفٌ عليه من ذكرٍ للمحدّدات المفاهيميّة في المدخل أو في التّمهيد.

والحقيقة أنّ إشكاليّة هذا الموضوع، إلى جانب كونها مفاهيميّة لتعلّقها بمصطلح الهويّة، فهي لا تخرج عن إطار ما تطرحه إشكاليّة المصطلحات المفتاحيّة؛ فنحن إذًا، لن ندخل في بحثٍ لغويٍّ، ولافي بحثٍ مصطلحيٍّ، بقدر ما سوف ننحاز للبحث في تاريخ مرور المصطلح من النظريّة إلى الفعل. ونقصد بذلك ما طرحه المصطلح من إشكالات حقيقيّة أحرجت مفهوم الدّولة في كليّته وإطلاقيّته، خصوصًا إذا ما تمثّلت تلك الدّولة أحزابًا سياسيّة ذات عقيدة وثوقيّة، تنسحب على الفصول الرئيسيّة لدساتير دولٍ ذات أنظمة جماهيريّة، كما هو شأن الجمهوريّة التّونسيّة.