ملامح الدبلوماسية المغربية: خلال جائحة كوفيد-19

مقدمة:

تعتمد السياسة الخارجية لكل دولة على أسلوب خاص بها، كون هذا المجال من المجالات السيادية التي تباشر أساسا ما تضعه الدول من تصورات وبرامج، وتختار من خلاله العمل على تحقيق أهداف المصلحة الوطنية، وهو مجال للتدافع داخل المنظومة الدولية، وفي محيطها الإقليمي والدولي، على أساس ما يخوله لها الدستور والقوانين الداخلية، والتوازنات السياسية التي تشير بالضرورة إلى جهة اتخاذ القرار الخارجي، ومن يمتلك السلطة في هذا الباب، وتحدد جهة تنفيذ هذا القرار، وكيفيات صنعه، وصيغ تنفيذه وأولوياته..

وفي هذا الإطار، يحدد دستور المملكة المغربية لسنة 2011 من خلال تصديره، التوجهات الكبرى للفعل الدولي للمغرب، وأولويات التفاعل الدولي للمملكة، كما تحدد الفصول42 و49 و55 من هذا الدستورالصلاحيات التي يتمتع بها الملك في هذا المجال بصفته صانع القرار.

إن القول باستقلالية النظام السياسي في اختيار التوجه الذي يرتضيه في الفعل الدولي، وما يتطلبه ذلك من اختيار التحالفات والسياسات والمواقف، لا يعني بالضرورة عدم التقيد الضمني بالحالة العامة التي تمثلها “التوازنات الدولية” عند ممارسة القرار في السياسة الخارجية، فلكل سياسة نتائج وآثار معينة، وبالتالي فالقيد الأساسي -غير المباشر- هو تحمل تبعات هذه السياسات عند ربطها بالفعل والتفاعل مع المحيط الدولي القائم.

وعموما فالهامش المتاح لكل دولة في إنتاج وصناعة سياستها الخارجية انطلاقا من برنامجها السياسي، والاقتصادي، والحضاري، والمؤسساتي داخل المنظمات الدولية الحكومية، مقترن بالحرية، ويظل من صميم السلطان الداخلي للدولة.

بمعنى أن السياسة الخارجية الذكية والناجحة هي التي تضع خطتها بمراعاة ميزان القوى الدولي لحظة اتخاذ القرار، وقراءة الواقع بمنهجية تضمن التفاعل المنتج، وهي بناء على ذلك ملزمة بوضع استراتيجيات تعتمد على الاستشراف والاستباق، وغيرهما من الآليات العلمية التي توفرها مناهج الدراسات الاستراتيجية في مجال العلاقات الدولية.

وبالتالي فتحرك دبلوماسية الدولة اتجاه غيرها من الدول أو المنظمات الدولية وأشخاص القانون الدولي العام، هي مسألة معقدة، ولكنها مصدر من مصادر تموقع الدولة في المحيط الدولي، عبر ما تتوفر عليه من مؤهلات، وما تصنعه من إمكانات وفرص، لتعزيز حضورها وإشعاعها، وكذا بما توفره من جاذبية للشراكة والتعاون الدوليين…وعليه فهناك ارتباط وثيق بين صنع القرار في السياسية الخارجية، والظروف المحيطة به، التي يجسدها الواقع، وطبيعة النظام الدولي القائم، وكذا التوازنات الدولية الحاصلة أثناء اتخاذ هذا القرار.