سؤال السياسة بالمغرب: أزمة وساطة سياسية أم أزمة سلطة؟

يجد اختيار سؤال “السياسة” كمدخل لمقاربة المسار السياسي بالمغرب، وواقع الممارسة السياسية عموما، مبعثه في الاعتقاد بأن طبيعة الصراع السياسي أصبح مداره قائما حول تيمة “السياسة” والموقع الذي ينبغي أن تأخذه في هذا السياق، ومقدار درجة تأثير السياسة في طبيعة وجوهر السلطة بالمغرب.
ننطلق في هذه الورقة من فرضية أن أزمة السياسة بالمغرب ذات طبيعة بنيوية مكمنها في موضوع السياسة ذاتها وليس في أدواتها، كما أن أزمة السياسة تؤشر على أزمة أعم هي أزمة حقيقة الدولة عندنا، وأزمة نظام سياسي أضحى عاجزا عن مواكبة التغيرات الحاصلة في المجتمع بشكل جدي، وعاجزا عن الاستجابة للطلب المتزايد على السياسة، بسبب استعصاء توسيع شرايينه لاستقبال دماء التحول والانفتاح السياسيين، وبذلك يظل المنطق المرجعي الناظم لسلوك الدولة، تقليدانيا موغلا في السلطوية العتيقة، ماتحا من معين قاموس البنية المخزنية التي مازالت امتداداتها حاضرة في راهن المغرب. ويبدو أننا أبعد ما نكون عن مفهوم الدولة الحديثة، وأبعد ما نكون عن منطق المؤسسات ومنطق القانون، وبالتالي أبعد ما نكون عن منطق السياسة ذاتها.