منازعات الهيئات المهنية بين القضاء العادي والقضاء الإداري

إن ظهور الهيئات المهنية وتنظيمها، كان بضرورة تنظيم وضبط جزء من أنشطة المهنيين خارج السلطة المباشرة للدولة وجعلها تحت رقابتها الغير المباشرة؛ وذلك لتحقيق بعدين أساسيين؛ البعد الأول فلسفي يهدف لحماية المهن الحرة من التطاول عليها من طرف أشخاص لا يتوفرون على الكفاءة الكافية للقيام بالمهنة، والثاني إجرائي وظيفي مرتبط بخلق الهيئات المهنية كأشخاص اعتبارية تنازلت لها الدولة عن بعض اختصاصاتها في ما يتعلق بتنظيم وتدبير ورقابة المهنيين المنتسبين لها، واحتفظت تبعا لذلك بمجموعة من الصلاحيات السيادية التي لا يمكن للدولة الحديثة أن تتنازل عنها لباقي الأشخاص الاعتبارية مهما كان مستوى الصلاحيات التي أعطيت لها قانونا، لتحقيق التوازن بين علاقة المهنيين بالدولة وعلاقتهم بهيئاتهم وعلاقتهم بزبنائهم، في شكل ديمقراطي يضمن الشفافية و النزاهة اللازم توفرها في المنتسبين لهذه المهن.