أمام وضوح موقف المشرع من إبداعات الأجير، لم يحظى الموظف العمومي بمثل هذا التأطير القانوني لحقوقه الناتجة عن الإبداعات الفكرية، سواء الصناعية أو الأدبية، التي تنشأ داخل الإدارة العمومية؛ فهل هذا معناه أن المشرع ينكر على الموظف إمكانية تملكه لهذه الحقوق؟ و بالتالي يجعل من الدولة، وبشكل آلي، المالكة لها؟ أم أن الموضوع لا يستحق هذا العناء لغياب أي إنتاج فكري داخل الإدارة العمومية؟ أم أنه مجرد سهو، و أنه ليس للمشرع أي دافع لمنع الموظف من تملك مثل هذه الحقوق التي لا تعمل سوى على تحفيزه للاستمرار في إبداعاته، و بالتالي إمكانية القياس على وضعية الأجير، على اعتبار التشابه القائم بينهما، بوجود شخص طبيعي من جهة و شخص معنوي من جهة ثانية؟ أم أن هذا القياس غير ممكن لوجود فارق متمثل في المركز الخاص للدولة باعتبارها شخصا معنويا عاما ذو سيادة وسلطان، و بذوبان شخص الموظف فيه، بحيث يخضع لقواعد قانونية استثنائية عن القواعد العامة، إلى جانب الوضع العادي للمقاولة، باعتبارها شخصا معنويا خاصا، و الذي يجب أن يخضع لمقتضيات قانونية لا يستحسن أن يخضع لها الشخص المعنوي العام لتناقضها مع وظيفته و كذلك مع القواعد المستخدمة في مجال سلطته.
رشيد بنويني
أستاذ بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض مراكش
Is Professor at the Faculty of Law at the University of Cadi Ayyad, Marrakech