البرلمان في زمن جائحة كوفيد 19: قضايا وإشكالات دستورية

تقديم

نادرا ما تواجه المؤسسات الدستورية ظروفا غير عادية مثل ما حدث مع جائحة كوفيد 19، التي فرضت بقوة الأمر الواقع أوضاعا استثنائية على سير المؤسسات واحترام الدستور وضمان صيانة سموه. وكان من الطبيعي في ظل غياب قواعد قانونية واضحة تنظم أوضاع الأزمات وتواجه ما تخلفه الأوبئة والكوارث من ارتباك خطير في تنظيم وممارسة السلطة  والعلاقة بين المؤسسات الدستورية، أن تطفو إلى السطح عدد من وجهات النظر المختلفة اتجاه التدابير القانونية التي اتخذتها السلطات العمومية وفي مقدمتها السلطة التشريعية لتقييد اختصاصاتها بشكل ذاتي وإرادي دون سند قانوني، مادام أن الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان تنعدم فيها مواد تضمن لهما ممارسة وظائفهما التشريعية والرقابية وتقييم السياسات العمومية في الظروف غير العادية[1].

وبناء على ما تقدم طرحت الوضعية التي تسببت فيها جائحة كوفيد 19 تساؤلات مشروعة وسط الجماعة العلمية حول الطريقة التي واجه بها البرلمان تلك الظروف؟ وهل كانت لديه خيارات أخرى لممارسة مهامه دون تحجيم ذاتي لسلطاته بغير سند قانوني؟ وهل تنازل البرلمان للحكومة عن سلطاته وقبل بمنحها سلطات استثنائية واسعة لمواجهة هذه الظروف دون ضوابط وقيود تحكمه؟ وهل شاب لجوء البرلمان إلى إقرار تدابير تنظيمية أي خلل بالمقتضيات الدستورية والقانونية؟

ستحاول هاته الورقة قدر الإمكان، تقديم إجابة عن الأسئلة السالفة الذكر، من خلال وقائع برلمانية مختلفة خلفت نقاشات قانونية ودستورية سواء ما تعلق بمساءلة الشرعية الدستورية لافتتاح الدورة التشريعية (1)، أو ما ترتب عن استبعاد التفويض التشريعي من إشكالات (2)، أو ما طرحته إشكالية جمع البرلمان في جلسة واحدة، الإجراءات الاحترازية من شكوك دستورية حول انتهاك الحق الشخصي في التصويت (3)، ومساءلة إجراءات تقليص وتفويض التصويت (4) ومدى قانونية التصويت والاجتماعات البرلمانية عن بعد (5). 


[1]– بالنظر للنظامين الداخليين لمجلسي البرلمان المؤشر عليهما من طرف المحكمة الدستورية 65/17 الخاص بمجلس النواب أو 20/102 المتعلق بمجلس المستشارين، يتبين خلو النظامين من أي مقتضيات تنظم عمل المجلسين خلال حالة الكوارث والأوبئة.