شبه الجزيرة الطنجية: الإرث التاريخي وخلفيات إعادة تدبير المجال الحضري

نُشرت هذه الدراسة ضمن المؤلف الجماعي الذي أصدره مركز تكامل للدراسات والأبحاث سنة 2019 بعنوان: “تدبير المجالات الحضرية بالمغرب في سياق متغير-مؤلف جماعي-” وهو معروض في المكتبات.


مقدمة:

مرت شبه الجزيرة الطنجية منذ القرن 19 بعدة تحولاتاقتصادية واجتماعية ساهمت في تراجع مكانتها وضعف اندماجها مع باقي جهات البلاد. و رغم اهتمام الدولة بهذا المجال منذ الاستقلال فإن تدخلاتها ركزت أساسا علىمحاولة تحقيق الاندماج الإداري بينها وباقي أجزاء البلاد. ويتضح هذا بشكل جلي من خلال التقسيم الجهوي لسنة 1971 الذي ألحق هذه الأقاليم بأخرى خضعت للحماية الفرنسية مشكلا الجهة الشمالية الغربية. وإذا كان الهدف السياسي من هذا الإدماج قد تحقق، فإن الطابع الهامشي ظل السمة المميزة لهذا المجال، مما دفع مختلف الفاعلين للتفكير في الإستراتيجية الملائمة للتخفيف من هذا الاختلال.[1] و تمثل ذلك من خلال الإعلان الرسمي عن برنامج خاص بتنمية الأقاليم الشمالية بهدف التقليص من الفوارق الجهوية والمساهمة في تحسين مستوى عيش السكان.[2]

فما تأثير الإرث التاريخي على التدبير الحضري بشبه الجزيرة الطنجية؟ وما مميزات الدينامية الحضرية التي شهدها هذا المجال بعد الاستقلال؟ وهل باستطاعة المؤهلات المحلية أن تساهم في تجاوز الإكراهات التي أخرت اندماجه في باقي المجال المغربي؟ وهل يمكن اعتبار بروز المجالات الهامشية للشغل أهم مظهر لأزمة التدبير الحضري بهذا المجال؟ ثم ما تأثير المشاريع الكبرى التي شهدتها شبه الجزيرة الطنجية خلال العقدين الأخيرين على إعادة تشكيل المجال الحضري في أفق اندماجه مع باقي التراب الوطني؟


[1]– بالإضافة إلى اهتمام الدولة، اهتم القطاع الخاص بنفس الموضوع حيث أصدر البنك المغربي للتجارة الخارجية مثلا بتاريخ 4 غشت 1960 تقريرا حول تنمية الأقاليم الشمالية (انظر جريدة العلم بتاريخ 13 غشت 1960).

[2]– يتعلق الأمر بخطاب مدينة فاس ليوم 10 فبراير1993 بحضور ممثلي الأقاليم الشمالية، حيث تم الإعلان عن تخصيص 20 مليار درهم لإنعاش عشرة أقاليم (انظر تنمية الأقاليم الشمالية أوراش المستقبل. ص. 18 ).