المسألة الدّينيّة والهوّيّة الوطنيّة من خلال فكر الحركة الوطنيّة المغربيّة مطلع ق 20

إذا كانت جذور سؤال هوّية الدّولة في بعض دول أوروبّا الغربيّة تعود إلى القرنين 15 و16م مع ظهور فكر الأنوار الأوروبي، فإنّ هذا السّؤال ظلّ مغيّبًا في المغرب حتّى مطلع القرن 20م، مع وقوعه تحت الاستعمار الفرنسيّ والإسبانيّ، الّذي شكّل صدمةً قويّةً للنّخبة المغربيّة، وجعلها تبحث عن الأسباب الثّاوية وراء خضوع دولةٍ ظلّت محافِظةً على استقلالها لقرون طويلة من قبضة الاستعمار. حيث رأت النّخبة المغربيّة أنّ هذه الانتكاسة ستؤدّي لا محالة إلى فقدان المغرب لهوّيّته لصالح هوّيةِ الغرب المسيحيّ، المختلفةِ قيمُهُ كلّيًّا عن قيم المغرب، وخصوصيات مجتمعه المسلم. لذلك، بادرت هذه النّخبة إلى محاولة بلورةِ ملامحَ واضحةٍ للهوّية المغربيّة، يتمّ على أساسها تعبئة المجتمع لمواجهة الاستعمار.

البعد الجمالي في سياسة التخطيط الحضري خلال المرحلة الاستعمارية بشمال المغرب

            خلال مطلع القرن العشرين، لم يكن السكان الحضريون يشكلون سوى نسبة قليلة من مجموع الساكنة المغربية التي كانت جلها تستقر بالأرياف. ومع وقوع البلاد تحت الاستعمار الفرنسي والإسباني بدأ عدد المراكز الحضرية يتزايد تدريجيا بفعل مجموعة من التغيرات التي مست البنية الديمغرافية بعد توافد أعداد مهمة من المستوطنين الأجانب، فضلا عن النمو الحضري الذي فرضته التحولات الاقتصادية والعمرانية على وجه الخصوص، والتي كان للاستعمار الفرنسي والإسباني الدور الرئيسي فيها.

العلاقات الثقافية المغربية المصرية ودورها في النضال التحرري ضد الاستعمار -البعثات الطلابية المغربية في مصر نموذجا-

إذا كان المعطى الثقافي محددا رئيسيا للعلاقات المغربية المصرية منذ العصور الوسطى إلى حدود القرن التاسع عشر، فإن هذا المعطى سيصبح بدوره منطلقا لنوع آخر من التفاعل، ويتعلق الأمر بالمشترك النضالي الذي جمع البلدين في نضالهما ضد الاستعمار، سواء الإنجليزي في مصر أو الفرنسي الإسباني في المغرب. وعلى هذا الأساس، شكلت مصر قبلة للبعثات الطلابية المغربية التي بدأت تتوافد على مصر منذ القرن السابع عشر، حيث أصبحت مطلع القرن العشرين خلال فترة المد الاستعماري على البلدين، تمثل وجها آخرا من أوجه النضال التحرري ضد الاستعمار. عبر ترسيخ الهوية والقيم العربية والإسلامية في صفوف النخبة، وعن طريق الاحتكاك بالجامعات والمدارس المصرية التي بدأت ازدهارها خلال القرن التاسع عشر.