الملخص:
لِبيان مركزية السلطة السياسية في بنيان الدولة الحديثة تَبتني الأطروحة نظرها على المنظومة الديمقراطية التي ترهن الفاعليات الاجتماعية والسياسية داخل بنيان الدولة الحديثة للوظائف السياسية للدولة ذاتها (تشريعا وتنفيذا وقضاءً) ولمصالح نخبها وأهل نفوذها. في مقابل الجماعة العربية الإسلامية المجسدة أمويا كجماعة سَكَّت قيمها وأعرافها وأخلاقها وتقاليدها السياسية من العيش المديد على أرضها والتفاعل الكريم مع مرجعيتها التوحيدية: صونا لالتزامات الاستخلاف التي تَرُدُّ السلطة السياسية إلى إطارها الجامع الرافض للتصارع على الملك؛ وتفعيلا لواجبات عقد البيعة التي تحيل كل الناس ولاةً للأمر في حدود مجالاتهم واختصاصاتهم.
الكلمات المفتاحية: الدولة، فصل السلط، تقييد السلط، الديمقراطية، الجماعة، تفاضل السلط، تكامل السلط، المدركات الجماعية.
Abstract:
To demonstrate the centrality of political power in the structure of the modern state, the thesis builds its view on the democratic system that mortgages social and political actors within the structure of the modern state to the political functions of the state itself (legislative, executive and judiciary) and to the interests of its elites and influential people. In contrast, the Arab Islamic group embodied by Umayya as a community whose values, customs, morals and its political traditions have been minted from long living on its land and the interactions with its monotheistic reference: to safeguard the commitments of succession that return political authority to its comprehensive framework that rejects conflict over the king; And in order to activate the contract of allegiance, which refers all people to guardians within the limits of their fields and specializations.
Keywords: The state, the separation of powers, the limitations of powers, democracy, the community, the differentiation of powers, the complementarity of powers, collective perceptions.
Résumé:
Pour éclaircir la centralisation du pouvoir politique dans la structure de l’Etat moderne, nous recourons dans notre thèse, d’une part, au système démocratique qui, détient les agences (the agency’s) sociales et politiques à l’intérêt de l’Etat et de ses élites, et les fonctions politiques (législative, juridique ou exécutive). D’une autre part, la communauté arabo- musulmane à l’aire des Omayyades qui est caractérisée par l’achèvement de la formation de ses valeurs, de sa morale et de ses traditions politiques, cela par sa langue vie sur sa propre terre attachée et en réaction avec sa religion monothéiste de l’islam tout en préservant les engagements de la communauté envers l’istikhlafe ( élire comme successeur) Qui conçoit le pouvoir politique dans le cadre général du rejet les conflits sur la détention du pouvoir de gouvernement de la communauté, et en accomplissant les devoirs de la (baiaa), serment d’allégeance ,qui rendent chacun responsable et gouvernant dans son domaine de responsabilité ou d’activité.
Mots-clés: État,séparation de pouvoirs,limitation de pouvoirs,démocratie, communauté, différentiation de pouvoirs، complémentarité de pouvoirs, cadres de perception communautaires.
شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط يوم الجمعة 21 مايو 2021، مناقشة أطروحة للدكتوراه أنجزها الطالب الباحث خالد شخمان تحت عنوان مواجهة الاستبداد بين وظائف الجماعة السياسية ووظائف الدولة “الخبرة الأموية في خدمة المشترك الانساني”. الأطروحة التي أشرف عليها الأستاذ الدكتور سعيد خالد الحسن، شارك في مناقشتها الأساتذة الدكاترة الأفاضل:
– المصطفى منار بصفته رئيسا
– عبد الرحيم العلام بصفته عضوا
– محمد أتركين بصفته عضوا
وبعد قرابة أربع ساعات من الملاحظات الدقيقة والتفاعلات العلمية الصارمة التي همَّت جوانب القصور والقوة في الأطروحة، خلصت اللّجنة العلمية إلى منح الباحث شخمان خالد شهادة الدكتوراه الوطنية في العلوم السياسية والقانون العام بميزة مشرف جدا مع الدعوة لتغيير عنوان الأطروحة إلى: الوظيفة السياسية بين الجماعة والسلطة “دراسة في خبرة العصر الأموي”.
ولقد تناولت الأطروحة موضوعها من خلال بابين اثنين: تطرق الأول منهما لوظائف الدولة وسياساتها ضمن فصلين جامِعين تتبعا بالأساس تشكل السلطة في النسق السياسي الغربي، مثلما عنيا ببَيان مركزية السلطة السياسية في بُنيان الدولة الحديثة. وهو تتبع أقامه الباحث على نظرٍ في مسار المنظومة الديمقراطية التي تشكلت على مداميك التمييز الطبقي بين الناس في المجتمَعَين اليوناني والروماني، وعلى افتراض الصراع كأساس من أسس العيش المشترك بينهم . فلا تتحقق للفكر الديمقراطي رهاناته في ضمان الاستقرار والرفاه إلا بالارتهان أولا: على السياسة المجسدة في سلطة الدولة المركزية، والمعبرة عن مصالح أهل النفوذ داخل مجتمعها، تعبيرا يتحقق عبر الإمكانات المتاحة لهم دون سواهم، للإستئثار بالوظائف السياسية : تشريعا وتنفيذا وقضاءً. ورهنا ، ثانيا: لمختلف الفاعليات الاجتماعية والسياسية الأخرى لثوابت سلطة الدولة المركزية ولمصالح نخبها وأداتهم القانونية المتوغلة في أدق تفاصيل الحياة.
وهو افتراض أقامته الأطروحة من جهة، على نظر مُرَكَّز في مسار الخبرة الغربية وفي منتهى سياستها الحديثة التي تَبنَّت ثنائيات القيادة والطاعة، العام والخاص ، والصداقة والعداء (خاصة في العلاقات مع الخارج) كأسس لاجتماعها السياسي؛ وتَوَسَّلت في بَيَان ذلك من جهة أخرى، ببنية الحزب السياسي كبنية مغرقة في الانتصار “لفقه” الوصول إلى السلطة: دليلا على مركزية السلطة في الجسد الاجتماعي لهذه الدولة، وشاهدا على تطلع الحزب السياسي للاستفراد بمِنَّة تمثيل الناس والتعبير عن مصالحهم، بالرغم من كونه لا يمثل في الغالب سوى جزءٍ/قسم من المجتمع كما تحيل على ذلك مفرداته الفرنسية والانجليزية.
أما الباب الثاني فقد هَمَّ وظائف الجماعة الأموية وخبرتها من خلال فصلين اثنين أصلا لمفهوم الجماعة التي يقصدها الباحث بوصفها جماعة لا تشكل ندا للدولة ولا لنخبها ومؤسساتها، بل إنها على العكس من ذلك متكأ الدولة ومستندها في الاضطلاع بمهامها الموكولة لها: فلا دولة بدون جماعة متآلفة متراصة. والجماعة بهذه المعاني ليست جمعا إيديولوجيا يقصد الانقضاض على السلطة وتغيير واقع الناس على مقتضاها، بل إنها جماعة سَكَّت قيمها وأعرافها وأخلاقها وتقاليدها السياسية من خلال العيش المديد على أرضها والتفاعل الكريم مع مرجعيتها التوحيدية: صونا لالتزامات الاستخلاف التي تَرُدُّ السلطة السياسية إلى إطارها الجامع الرافض للتصارع على الملك؛ وتفعيلا لواجبات عقد البيعة التي تحيل كل الناس ولاةً للأمر في حدود مجالاتهم واختصاصاتهم. وهو الأمر الذي أعفى ناس الجماعة من التّهَمُمِ بهَمِّ السلطة السياسية حينما أصابها الاستبداد والعسف والانحراف. فتحقق لهم ما تحقق من تطور وتألق في شتى المجالات والميادين بعيدا عن وظائف السلطة السياسية ومركزية قوانينها.
ولقد زكى الباحث “تحيزه” هذا بالنظر في المذهب الفقهي المقابل للحزب السياسي –وإن لم يكن تقابلا آليا محضا- بوصفه أداةً معبرة عن مدركات الناس الجماعية وحصنا لهم من الذوبان في متاهات السلطة السياسية المركزية، لأنه –أي المذهب الفقهي- قد مَكَّن الجماعة من خلال حلقاته العلمية المذاعة والمشاعة في سائر الجسد الاجتماعي والمنفتحة على جُموع الناس، من دوام تذكيرهم بفروض القيام بوظائفهم والتزاماتهم، بما لا يرهنهم لمركزية السلطة السياسية ولمقاليد أهل النفوذ فيها.
هذا وقد استندت الدراسة على استجماع أعمال مفكرين كبار وسموا التاريخين الغربي والعربي–قديما وحديثا–بميسم أفكارهم وطروحاتهم: كمثل أرسطو وأفلاطون وهوبز ومونتسكيو وروسو وبوردو، وبرتران بادي وفيليب برو وموريس دوفرجييه وغيرهم من المفكرين الغربيين؛ وحامد ربيع وعصمت سيف الدولة وسعيد خالد الحسن وعبد الوهاب المسيري ومحي الدين قاسم وسليم العوا وطارق البشري ومحمد علي الصلابي ومحمد الزحيلي وطه عبد الرحمن ووائل حلاق ومحمد أبو زهرة ومنى أبو الفضل وآخرون على الجانب العربي الإسلامي.
أما عن البناء المفاهيمي للدراسة فإنه يتأطر بمفهوم المدركات الجماعية كمفهوم ينتظم أمر الجماعة حين تستكمل تشكلها الاجتماعي، تشكلا مكتمل التكوين: أي حين تتضح معالم مدركاتها الجماعية المعبرة عن مجموع “المبادئ المرجعية التي توجه السلوك الإنساني وتميزه، وتنتقل به من المستوى الفردي الخاص إلى مستوى السلوك الجماعي العام، ومن بعده اليومي والزمني المحدود إلى البعد التاريخي المطلق المتوجه من ماضي الجماعة إلى مستقبلها، وتشكل ناظما سلوكيا للوجود السياسي وللعلاقات الاجتماعية وللوظيفة الحضارية للجماعة”.
فالراجح أن يتم تشكل المدركات الجماعية إما:
أ –من الأعلى إلى الأسفل عبر قواعد سياسية مركزية ثابتة يخضع لها الناس ضمن معادلة الإمرة والخضوع والبحث عن الاستقرار والأمان: فنكون أمام مفهوم الدولة: المحيل –في المعاجم اللغوية والفلسفية الغربية– على بناء ثابت وقار يستجمع مقوم السلطة في جهاز فوقي تستفرد به الدولة ومؤسساتها دون سواها من البنى والأجهزة. وهو نفس المعنى الذي نقل من معجمي روبيير ولالاند حين جعلا من مصطلحات Status اللاتينية، وStato الإيطالية وEtat الفرنسية وState الإنجليزية مجموعا يندرج ضمن صفات الثبات والاستقرار وعدم التبدل: أي إلى استتباب أمر السلطة وثباته.
ب – من الأسفل إلى الأعلى عبر مرجعيات وقيم وتقاليد وقواعد احتكام يظفر بها ناس الجماعة: منفردين ومجتمعين: فنكون أمام مفهوم الجماعة: المعبر عن صرح بشري تم له الوجود الفعلي بين ناسه تساكنا وتآلفا وتفاعلا حضاريا تعارفيا حول مفاهيم ومرجعيات وقواعد جماعية فردية وعليا يصقلها دوام استقرارهم على أرض واحدة وفق وجهة واحدة تضبط حركتهم من الماضي إلى المستقبل؛ بما يمكنهم من إبداع وسائلهم في الاجتهاد والاستنباط والعيش مخصوصة بهم دون سواهم.
ويتحدد طموح الدراسة في التطلع إلى أن تسترد الجماعة المجتمعية لأدوارها في ممارسة فعلها العمراني والحضاري، وللتذكير بفرض تجاوز النقاشات التقليدية المتجاوزة والمبتذلة التي مدارها على النيل من التراث والتراثيين أو معاداة الغرب ووكلائه من المقلدين. وهو تذكير من شأنه إعانة الباحثين والمفكرين وأهل القلم على استجماع الجهود ليس لمعاداة خبرة الغرب ونظرياته وممارساته، بل للظفر في إطار الحق في الاختلاف الفكري بإمكانية تجاوز أعطاب المنظومات الاستقوائية العالمية. كما أن هذا الأمر إذ يتحقق بمستند المعالم المعنوية والبرهانية التي تضطلع بها الجماعة المجتمعية حين تشكلها من هدي مرجعياتها الحاكمة وتقاليدها ومدركاتها الجماعية، فإنه سيمد العالم أجمع بمقومات تحرره الحق من الأقفاص التي تضعها فئاته المتنفذة الحائزة على مقامات القوة وسلطانها المادي.
ثم إن سياق إخفاقات الحركات الاحتجاجية الموسومة بالربيع العربي وما استتبعه من توالي صيحات تغيير صلب سلطة الدولة وأنظمتها وبنيانها المركزي، ينبه إلى عدم امتلاك هذه الحركات لرؤى تغييرية مستمدة من قيمها ومدركاتها الجماعية المنغرسة في صيرورة تشكلها المجتمعي، وإنها في الغالب محاكاة انفعالية–بدون بصيرة أو برهان مبين– لمفاهيم وأدوات غيرهم في التغيير: يؤكدها استجداء التدخل والعون حين انسداد أفق محاولاتها. وهو أمر يسجن الجماعة السياسية للأجندات الاستعمارية التي إن سهل عليها الضغط على كيان الدولة المادي، استُغلق عليها النفاذ لكيان الجماعة العامر بالقيم والتقاليد الراسخة: ثباتا ومقاومة وتحديا.
وفي ختام المناقشة كما في مستهلها لم يفوت الباحث الفرصة لتقديم شكره وثنائه إلى كل من ساهم في تقديم النصح والعون وعلى رأسهم الأستاذ المشرف الدكتور سعيد خالد الحسن وأعضاء لجنة المناقشة على ما بدلوه من وسع في النصح والتقييم والتقويم.
شخمان خالد
حاصل على الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة محمد الخامس بالرباط، عضو فاعل ضمن فريق بحث كرسي الحضارة الإسلامية والمشترك الإنساني، باحث رئيس في مركز الدراسات والأبحاث بمؤسسة خالد الحسن، عضو رسمي ضمن مؤسسة خالد الحسن للدراسات والأبحاث، عضو اللجنة العلمية بمجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، عضو لجنة التصحيح والمراجعة بمجلة البحثية، رئيس مركز الغرب للأبحاث والدراسات الاستراتيجية. من إسهاماته العلمية: “المغرب والدول الخليجية من التعاون إلى تقاسم الرعب، وجهة نظر أخرى؟”.
Titulaire d’un doctorat en droit public et sciences politiques de l’Université Mohammed V de Rabat, membre actif de l’équipe de recherche de la Chaire Civilisation Islamique et du commun Humanitaire. Chercheur principal au Centre d’études et de Recherches à la Fondation Khaled El Hassan. Membre officiel de la Fondation Khaled El Hassan pour les études et les recherches. Membre du comité scientifique de la revue ‘ALBAHTIYA’ en sciences humaines et sociales. Membre du comité de correction et de relecture de la revue ‘ALBAHTIYA’ . Président du Centre occidental de recherches et d’études stratégiques. Parmi ses contributions scientifiques :
– Le Maroc et les États du Golfe : de la coopération au partage de la terreur, un autre point de vue?