التجارة الدولية العادية والرقمية ومسألة التضريب : دراسة حالة المغرب

بتاريخ 20/01/2024 ناقش الباحث العربي بوعودة أطروحته  لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، تخصص العلوم السياسية، مختبر الدراسات والأبحاث الجنائية والإدارية، تحت عنوان “التجارة الدولية العادية والرقمية ومسألة التضريب : دراسة حالة المغرب”.

Traditional, digital international trade and taxation: Case of Morocco

أمام لجنة علمية مشكلة من أساتذة التعليم العالي :الدكتور الجيلالي شبيه مشرفا، الدكتورة عواطف لغريسي رئيسة، الدكتورة نجاة العماري عضوة، الدكتور مصطفى جاري عضوا مقررا، والذي اعتذر عن الحضور لظرف  عائلي طارئ، بعدما وضع تقريرا إيجابيا عن الأطروحة، الدكتورة حبيبة البلغيثي عضوة مقررة، الدكتورة كريمة حسان عضوة مقررة.

وبعد المداولة قررت اللجنة العلمية قبول الأطروحة بميزة مشرف جدا.

وفيما يلي تقرير حول هذه الأطروحة التي قدمها الباحث.      

ملخص الدراسة :

يهدف موضوع هذه الأطروحة إلى البحث في الإشكالات المرتبطة بتضريب التجارة الدولية الرقمية والتقليدية في المغرب، في محاولة للوقوف على أوجه الاختلاف والتباين بين التجارتين من جهة، ومن جهة ثانية البحث عن سبل تطوير التجارة الدولية الإلكترونية التي تعرف تزايدا مهما، بما يضمن تحقيق مداخيل إضافية لخزينة الدولة، عبر وضع نظام ضريبي يراعي خصوصية هذا النوع من التجارة الدولية، ويسمح بشكل مباشر بالحد من انتشار ظاهرتي التهرب والغش الضريبيين، باختلاف صورهما ومظاهرهما، وما يشكلانه من تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني، على اعتبار أن الضريبة كفريضة مالية، أضحت في السنوات الأخيرة الوسيلة الأساس لجل دول العالم، بما فيها المغرب، لتغطية نفقاتهم واحتياجاتهم، وتوفير الإيرادات المالية الموجهة للاستثمار، وتمويل برامج التنمية، في ارتباط تام بتقديم الخدمات الإجتماعية الأساسية للمواطنين، واقتراح تقنيات وأساليب فرض الضرائب على الملزمين بمناسبة أنشطتهم الاقتصادية التي تتم عن بعد، مع وضع تصورات لجعل النظام الجبائي المغربي ملاذا ضريبيا متميزا، بعدما تم سحبه من قبل الاتحاد الاوروبي من اللائحة الرمادية، وإيجاد حلول ناجعة للتخفيف من حالات التعسف في تطبيق القاعدة الضريبية، وفرض الضريبة على القطاعات المنتجة، ولاسيما القطاع غير المهيكل منها، التي لا زالت في منأى عن أي تضريب محكم، بالإضافة إلى عقلنة التحفيزات الضريبية بالشكل الذي ينعش الاقتصاد عبر تشجيع الاستثمار. ولقد عزمت أن أقبض العنان في القول في موضوع تضريب التجارة الدولية الالكترونية والعادية، بالوقوف على حالة المغرب، ودراستها بالتحليل والتدقيق بما يسمح بالتخفيف من العبء الضريبي، وتجاوز حالة اللاتكافؤ في علاقة الملزم ضريبا بالإدارة الضريبية بالمغرب، في سياق اتسم بواقع يفتقر إلى نجاعة أو جودة تدبير مصادر التمويل العمومي في المغرب، أدى بشكل مباشر إلى هروب رساميل  (fuite des capitaux) مهمة إلى مناخات استثمارية أكثر تأهيلا ، وهو ما انعكس بشكل واضح على الخدمات الاساسية بالمغرب، في مجالات كثيرة كالصحة، التشغيل، التعليم…

وإلى جانب ذلك، واقتناعا من الدولة المغربية بضرورة التكيف مع التغيرات الاقتصادية الدولية، وطموحا منها لأن تكون جزءا من مسار التطور التكنولوجي والرقمي الذي يعيشه العالم، عملت منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على فتح حدودها السيادية للتجارة عبر الإنترنت.”كما أدى ظهور الأنترنيت وما رافقه من تطور في مجال الإعلاميات إلى إحداث تغييرات جدرية كبيرة على مستوى المعاملات وانتشار ظاهرة التعقد عن بعد. وأثر هذا التطور على المجال الإداري وما استتبعه من ظهور مفهوم الحكومة الإلكترونية، والإدارة الإلكترونية والحكومة الذكي”. ومع ذلك، فإن الفراغ القانوني في هذا المجال، إضافة إلى العديد من الاختلالات الكامنة في الرقابة الضريبية من جانب الدولة، وخاصة على المستوى العملي، تشكل عقبات، من بين أمور أخرى، تغير القدرة القانونية للمغرب على رصد المشاكل المرتبطة بتدبير مجال التجارة الدولية الرقمية وحسن وإدارته، للتخفيف من حجم الاضطراب العميق الذي يشهده النشاط التجاري حاليا، كما أن هذه العقبات تؤثر بشكل عميق على الاقتصاد الوطني إلى درجة أن بعض المهتمين يتحدثون عن عدم فعالية القانون بشكل جيد لتجاوز الإشكالات التي تطرحها التجارة الدولية، وهو ما يعمق الفجوة بين واقع التجارة الدولية في المغرب والترسانة القانونية المنظمة لها.

جدير بالذكر كذلك أن التجارة الدولية الإلكترونية تتطلب اليوم مستوى عالٍ من الرقابة واليقظة القادرة على تنظيم الضرائب المفروضة على الشركات المشاركة في أنشطة التجارة الإلكترونية الدولية بشكل صحيح. ومن الواضح أن الهدف النهائي هو خدمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة المغربية، تجسيدا للإرادة الملكية المعبر عنها في أكثر من خطاب ملكي، “تنمية مجتمع تكنولوجيا المعلومات في بلادنا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا جعلنا الوصول إلى المعلومات ممكنا وبأسعار معقولة، وأن تكون شبكة الإنترنت متاحة للجميع في جميع مناطق المغرب، ويتعين على المشتغلين في المجال، في ظل ديناميكية السوق، تقديم عروض جذابة ومتاحة لأكبر عدد ممكن من الناس للوصول إلى تلك الغاية.

أكيد أن “القانون يتبع التقنية”، هكذا يقول المثل الشائع بين الفقهاء، وهذا يعني ببساطة أن القاعدة القانونية هي التي يجب أن تتكيف مع التكنولوجيا سريعة التغير، خاصة مع ظهور الحوسبة المتقدمة، والانتشار اللامتناهي لوسائل التواصل عن بعد. ولكن الأهم من ذلك هو أن التطور التكنولوجي لا يشمل قط بعضا من فروع القانون، بل مجموعة أوسع من القواعد القانونية المتعلقة بمجموعة متنوعة من مجالات القانون بشكل عام، وخاصة تلك المرتبطة بالتجارة الدولية وعملية فرض الضرائب على عائداتها.

Abstract

The central focus of this thesis is the investigation of challenges linked to the taxation of digital and traditional international trade in Morocco. The primary objectives are to discern disparities between the two forms of trade and explore avenues for advancing international e-commerce. The latter is experiencing a notable surge, prompting the need for a tax system tailored to its unique characteristics. This system should effectively counteract tax evasion and fraud, which adversely impact the national economy. Recognizing taxation as a pivotal financial tool for countries, including Morocco, to fund expenses, investments, and development programs, it becomes imperative to refine the tax framework.

The aim is twofold: first, to address shortcomings in the tax structure that hinder effective revenue generation and, second, to foster a favorable environment for economic growth. By scrutinizing the taxation of international electronic and conventional trade in Morocco, I aspire to contribute to the mitigation of the tax burden and rectify the existing inequality in the taxpayer-tax administration relationship. The inefficiency in managing public funding sources has driven significant capital flight to more favorable investment climates, detrimentally affecting essential services in Morocco, such as health, employment, and education.

Recognizing the imperative to adapt to global economic shifts and integrate into the technological and digital advancements shaping the world, the Moroccan State has endeavored to embrace online trade. The advent of the Internet and the concurrent evolution of informatics have revolutionized transactions, leading to the proliferation of remote complexities. This transformation has impacted the administrative landscape, giving rise to concepts like e-government, e-administration, and smart government.

However, the absence of a robust legal framework in this domain, coupled with inherent imbalances in tax control by the State, especially at the practical level, poses obstacles to Morocco’s ability to effectively regulate international digital trade. Overcoming these obstacles is crucial to alleviating the profound disruptions afflicting commercial activities. Some stakeholders even assert that existing laws are inadequate to address the challenges posed by international trade, exacerbating the divide between the reality of international trade in Morocco and the regulatory framework governing it.It is also worth mentioning that international e-commerce today requires a high level of control and vigilance capable of properly regulating the taxes imposed on companies involved in international e-commerce activities.  It is clear that the ultimate goal is to serve the social and economic development of the Kingdom of Morocco, embodying the royal will be expressed in more than one royal speech. “The development of the IT society in our country can only be achieved if we make access to information possible and affordable, that the Internet is accessible to everyone in all regions of Morocco, and that the industry operators, given the dynamics of the market, must offer attractive and accessible offers to as many people as possible to reach that end.

Certainly, “law follows technology,” as the saying among jurists says, and this simply means that it is the legal base that must adapt to rapidly changing technology, especially with the advent of advanced computing and the endless spread of remote means of communication. But more importantly, technological development never encompasses some branches of law, but a broader set of legal rules related to a variety of areas of law.   In general, especially those related to international trade and the process of taxing its proceeds.

الكلمات المفاتيح :

التجارة، التجارة الدولية العادية، التجارة الدولية الرقمية، العولمة، الضرائب، التضريب، الغش الضريبي، التهرب الضريبي، العدالة الضريبية، الاقتصاد الرقمي.

Keywords:

Trade, international trade, digital international trade, globalization, taxes, taxation, tax fraud, tax evasion, tax justice, digital economy. 

  • أولا : السياق الذي يحكم موضوع البحث

ويتضمن ذلك دراسة السياق الذي تأتي فيه أهمية تناول موضوع تضريب المعاملات التجارية التقليدية والرقمية، المرتبطة بالثورة التكنولوجية الجارفة، وموقع المغرب الاستراتيجي وأهمية الشراكات التي وقعها لتطوير قطاعه التجارة الدولية، والمقصود هنا اتفاقيات التبادل الحر التي تجمعه بأمريكا وكندا والاتحاد الاوروبي أساسا، مع الأخذ في الاعتبار خصوصيات المغرب كبلد سائر في طريق النمو في علاقته بالبلدان التي تربطها بها علاقات تجارية مهمة. وهذا السياق، المستخدم على نطاق واسع في أحدث الدراسات التجريبية، يجعل من الممكن في نهاية المطاف الاستفادة من ثراء المواقف وبالتالي تعديل السياسات المتبعة فيما يتعلق بفرض الضرائب على التجارة الدولية التقليدية والرقمية، والاستفادة من مكامن الخلل التي واجهت العديد من النظم الضريبية المقارنة، والغاية تحقيق حد أدنى من العدالة الضريبية.

  • ثانيا : الإطار القانوني لموضوع البحث

يكتسي تحديد الإطار القانوني العام للموضوع أهمية بالغة، باعتباره من أهم مفاتيح الدخول في موضوع البحث، لأنه يساعد الباحث في معرفة هيكلية المادة التي يبحث فيها، وتقسيماتها وموقع كل جزء من البحث موضوع الدراسة.

  • القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة المنشور في الجريدة الرسمية عدد 4418 بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 (3 أكتوبر 1996(.
  • القانون رقم 89.17 بتغيير وتتميم القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة.
  • القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.
  • القانون  رقم 43.20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية.
  • مرسوم رقم 2.22.687 صادر في 21 من ربيع الثاني 1444)16 نونبر 2022(، بتطبيق القانون رقم 43.20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية.
  • القانون رقم 88.17 المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية ومواكبتها.
  • مرسوم رقم  12.23.405 صادر في 19 من ذي القعدة) 8يونيو2023( بإحداث مديرية عامة للإنتقال الرقمي وبتحديد اختصاصاتها وتنظيمها.
  • القانون رقم 61.16 المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية.
  • القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
  • المدونة العامة للضرائب المحدثة بموجب المادة 5 من قانون المالية لسنة 2007.
  • مرسوم بقانون رقم 2.18.117 صادر في 6 جمادى الثانية 1439)23 فبراير 2018( بسن أحكام انتقالية في شأن التبادل الألي للمعلومات لأغراض جبائية.
  • قرار لوزير الإقتصاد والمالية رقم 3639.15 صادر في 10 ربيع الأول 1437)22 ديسمبر2015( المحدد لشروط تطبيق مسطرة الإقرار والأداء الالكترونيين المتعلقة بالضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة بناء على اختيار الخاضعين للضريبة.
  • قرار لوزير الإقتصاد والمالية رقم 08.14 صادر في 2 ربيع الأول 1435) 14يناير 2014( المحدد لشروط تطبيق مسطرة الإقرار الإلكتروني والأداء الإلكتروني للضريبة على الشركات.
  • الاتفاقيات الضريبية التي أبرمها المغرب.
  • ظهير شريف رقم 420-75-1 مؤرخ في 5 أكتوبر 1976 المتعلق بنشر اتفاقية بين المملكة المغربية وألمانيا بشأن إزالة الازدواج الضريبي في مجال الضريبة على الدخل، المبرمة بالرباط في 7 يونيو 1972، منشور بالجريدة الرسمية عدد 3340 بتاريخ 3 نوفمبر 1976.
  • ظهير شريف رقم 440-73-1 مؤرخ في 8 يناير 1974 بنشر الاتفاقية بين المملكة المغربية وفرنسا، المبرمة بالرباط في 29 مايو 1970. منشور بالجريدة الرسمية عدد 3213 بتاريخ في 12 يوليو .1974
  • ثالثا : أهمية الموضوع

قبل معالجة الاشكالية المحورية والتحقق من فرضيات عملي البحثي، فمن المهم توضيح أهمية هذه الدراسة. وفي هذا السياق، نذكر أن النواة الصلبة لهذه الدراسة تتعلق بمجال فرض الضرائب على التجارة الدولية الرقمية والإشكالات المرتبطة بهذا، وسبل تجاوزها، سيما أن الدراسات السابقة ركزت في هذا المجال على القضايا الاقتصادية والقانونية المتعلقة التجارة الدولية الكلاسيكية، لذلك اخترت المغامرة في البحث في مجال فرض الضرائب على المعاملات الرقمية، متوقفا بشكل منهجي عند الجسور بين إجراءات وتقنيات فرض الضرائب على التجارة الدولية الكلاسيكية وإجراءات المعاملات التجارية الرقمية. علاوة على ذلك، فبدلا من تبني نهج اقتصادي وقانوني واحد في التعامل مع مسألة الضرائب، يتلخص هدفنا في الجمع بين مجموعة من الأساليب التي تتأرجح عموماً حول القانون والاقتصاد: وقد يقول المرء: “إن القانون والاقتصاد يسيران جنباً إلى جنب”.

فإذا كان النهج القانوني يجعل من الممكن استيعاب المسائل القانونية المتعلقة بفرض الضرائب على التجارة الدولية التقليدية والرقمية بشكل أفضل من منظور مقارن، فإن النهج الاقتصادي المتشابك معه يهدف، من جانبه، إلى اغتنام الفرص التي تتيحها تقنيات التواصل الحديثة لتحول أفضل إلى التجارة الإلكترونية الدولية في المغرب، وتحقيق ايرادات مهمة لفائدة الخزينة العامة، وضمان نمو اقتصادي طويل الأمد، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية لشرائح كبيرة من السكان، وفي هذا السياق اعتبر الفيلسوف شارل لويس دي سكوندا المعروف بـــــ “مونتيسكيو”)18 يناير 1689_10 فبراير 1755( في كتابه الشهير “روح القوانين” أنه “يمكن فرض ضرائب أعلى بما يتناسب مع حرية الأفراد؛ ويجبر المرء على اعتدالهم مع زيادة العبودية”.

لهذه الأسباب شرعت في هذا البحث للوقوف على أهمية تضريب التجارة الدولية الرقمية في المغرب وتطبيقاتها في النظام القانوني المغربي، وكشف آثارها على الأنشطة الاقتصادية المختلفة للفاعلين الاقتصاديين دوليا، والوقوف على حجم الخسارة المالية التي تتكبدها ميزانية الدولة في المغرب مع تزايد نسب حالات الغش والتهرب الضريبي، وكيف لهاتين الظاهرتين أن يعطلا برامج التنمية بالمغرب كما في العديد من الدول السائرة في طريق النمو، وتأجيل تحقيق مشروع الدولة الاجتماعية، وحلم دولة الرفاه الإجتماعي، عبر وضع نظام ضريبي عادل، لا يشكل عبئا ثقيلا على الملزم ضريبيا، ولا يسمح باستثناء أنشطة اقتصادية ما من أداء الضريبة على أ رباحها.

  • رابعا : صعوبة موضوع البحث

مما لا جدال فيه أن البحث في إشكالية فرض الضريبة على التجارة الدولية سواءا كانت عادية أو رقمية يسهم في فتح النقاش حول سبل تجاوز حالة هروب الرساميل، ويسائل النظام الضريبي المغربي ومدى نجاعته في تنظيم كل ما يرتبط بجعل كل الانشطة الاقتصادية التي تتم عن بعد خاضعة لذات النظام الجبائي المعمول به في ميدان التجارة التقليدية، وأهمية ذلك في توفير إيرادات ضريبية مهمة لتغطية النفقات العمومية، وأن مناقشة موضوع هذه الأطروحة لم يخل من صعوبات، باعتباره موضوعا تقنيا للغاية، ومناقشته تتطلب مجهودا مهما، لأنه يعتمد أساسا على تبيان ذلك الإرتباط بين التجارة الكلاسيكية والتجارة الرقمية على المستوى الدولي، وإظهار الفروق بينهما، واستنطاق النصوص القانونية التي تنظم إخضاع التجارتين معا للضريبة، والإشكالات المرتبطة بتطبيق مقتضيات المدونة العامة الضرائب والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بموضوع الضريبة على التجارة الدولية، كما أن المجال الجبائي هو دقيق للغاية، إذ أنه يخضع لتعديلات كل سنة، سواء على مستوى الإجراءات أو معدلات الضرائب، وللحصول على الاستنتاجات المطلوبة، تطلب مني السفر خارج المغرب، وزيارة بعض المكتبات الجامعية والمتخصصة، نظرا لحداثة طرق هذا الموضوع بشكل منفصل وموسع، ومن أجل الوقوف على كافة حيثياته، سيما وأن صعوبة البحث في هذا الموضوع تتمثل أساسا في قلة البحوث والمراجع التي تناولت الموضوع بشكل مفصل، حيث أن جل المراجع والدارسات التي تأتى لي الإطلاع عليها والتي تناولت هذا الموضوع من أحد جوانبه، تناولته بشكل مقتضب وغير وافي.

إذن وقبل التفصيل في محاور البحث لا بد من الوقوف عند إلإشكالية الرئيسة للبحث:

  • خامسا : إشكالية البحث

بعد توضيح المفاهيم الأساسية لعملي البحثي هذا، أقترح فيما يلي التركيز على الأسئلة الأساسية لبحثي فيما يتعلق بالمفاهيم المعلنة أعلاه، من أجل محاولة تحديد الموضوع والدخول في صلبه من حيث الدراسة والبحث، وأقتصر هنا على أربعة أسئلة أساسية وتكميلية:

1) كيف تم توطيد الجسور بين التجارة الدولية التقليدية والرقمية عبر التاريخ في إطار نظام العولمة؟

2) كيف فرضت الدول ضرائب على التجارة الدولية التقليدية وكيف تفرض حاليًا ضرائب على التجارة الدولية الرقمية، وما هي الإشكالات الاقتصادية والقانونية المرتبطة بها؟

3) ما هو وضع التجارة الدولية الرقمية في المغرب وما هي آفاقها؟

4) ما هي تحديات فرض الضرائب على التجارة الدولية الرقمية في المغرب من منظور اقتصادي وقانوني مزدوج؟

5( إلى أي حد نجح المشرع المغربي في تنظيم التجارة الدولية الرقمية في جانبها الضريبي، وضبط الغش  والتهرب الضريبيين، بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟

6( إلى أي مدى يمكن الحديث عن العدالة الضريبية في المغرب في ما يخص المبادلات التجارية الرقمية على المستوى الدولي؟

7( ماهي الوضعية الراهنة لتضريب التجارة الدولية الالكترونية؟ وما هي المقترحات المطلوبة لتجاوز هذه الوضعية؟

  • سادسا : فرضيات البحث

بعد أن عرضت أعلاه الإشكالية الأساسية المتعلقة بموضوع عملي البحثي، من المهم صياغة بعض فرضيات البحث، مع الأخذ في الاعتبار أن الفرضيات المحددة لأي عمل بحثي يجب أن تكون قابلة للاختبار، لا سيما من خلال الأدوات المنهجية المناسبة، ويمكن تلخيص فرضيات البحث الرئيسة على النحو التالي:

 إن تطور التجارة الدولية يتعايش مع العولمة في إطار علاقة جدلية متينة، لكن تقدم التجارة الدولية الرقمية يتطلب جرعة متقدمة من العولمة التي يجب استكشافها تاريخياً؛

 إن الخبرات المتراكمة لدى بعض الدول فيما يتعلق بفرض الضرائب على التجارة الدولية التقليدية تحدد إلى حد كبير مدى التقدم المحرز في مجال فرض الضرائب على التجارة الدولية الرقمية، والتي يجب تسليط الضوء على قضاياها الاقتصادية والقانونية بشكل يسمح بتجاوز الاختلالات التي يشهدها مجال تطبيقها؛ على اعتبار أن تطور التجارة الدولية الرقمية بالمغرب لا يزال في حاجة إلى المزيد من الاهتمام في ظل المعطيات الدولية الراهنة، التي تكشف عنها اتفاقيات التبادل الحر، ومحو الحدود الجمركية، في ظل ارتفاع معدلات الاتصال بشبكات الإنترنت؛

سيكون من الصعب، ولكن من الممكن، في المغرب بناء ترسانة تقنية وقانونية تهدف إلى فرض ضرائب أفضل على التجارة الرقمية الدولية، بهدف تجنب التشوهات الاقتصادية، وتحفيز المالية العمومية، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والوصول إلى مستويات معيشية مهمة للسكان.

أكيد أن هناك جدلية بين تخفيض معدلات الضريبة وتحفيز الاستثمارات، لأن تزايد الأنشطة الاقتصادية المنتجة للثروة، يزيد من عائدات الضريبة، سيما في الانظمة التي تعتمد ميزانيتها العمومية على ما تستخلصه من الجبايات، كما هو الحال بالنسبة للمغرب، وذلك بغاية الوصول إلى مقام الدول المعتبرة ملاذات ضريبية.

تضريب التجارة الرقمية، والحد من التهرب والغش الضريبين يشكلان قاطرة مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن مطلب الاصلاح الضريبيي لا يزال ذو راهنية، لتخفيف العبء الضريبي على الملزم، وتحقيق الأمن الضريبي بشكل أعم.

  • سابعا : الإطار المنهجي

يجب أن يكون لدى أي باحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية “صندوق أدوات” خاص به يهدف إلى التحقق من صحة فرضيات البحث التي تمت صياغتها في البداية بشكل تجريبي، فالبنظر لطبيعة موضوع هذه الأطروحة “متعددة التخصصات” والذي تتداخل في معالجته الكثير من المشارب العلمية، فإن الأدوات المنهجية التي نستخدمها لا يمكن إلا أن تكون متنوعة ومتكاملة. باختصار، يتأرجح إطارنا المنهجي حول أدوات التحقق المحددة أدناه:

  • المنهج التاريخي المدعم بالسرد التحليلي

تتيح هذه العملية المنهجية استخلاص دروس مفيدة من حلقات مختلفة من تطور التجارة الدولية مع مرور الوقت، من خلال الوقوف على الجسور الممكنة بين التجارة الدولية الكلاسيكية والمعاملات التجارية الدولية الرقمية. يتم دعم التأريخ في هذا العمل البحثي من خلال السرد التحليلي كأداة منهجية تعتمد على التحليل متعدد التخصصات للمحتوى التاريخي، وهو ما تم التفصيل فيه في القسم الأول كتمهيد للبحث.

  • الطريقة الإحصائية

وينطوي ذلك عمومًا على استخدام الإحصاءات الوصفية المعروفة، أي جمع البيانات الإحصائية عن التجارة الدولية التقليدية والرقمية، مدعومة بمعالجتها الإحصائية من خلال إنشاء مؤشرات إحصائية بسيطة: الأحجام، المتوسط، التباين، النسب، إلخ.

  • التحليل المؤسسي

يتيح التحليل المؤسسي تقييم جودة المؤسسات المسؤولة عن تصميم وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات التي يتم تنفيذها بهدف تطوير أنظمة ضريبية مناسبة لتحسين إيرادات الدولة من التجارة الدولية التقليدية والرقمية، وتحسين فعالية وكفاءة المالية العامة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.

  • تحليل المحتوى

يمكن أن تتكيف طريقة تحليل المحتوى بشكل أو بآخر مع الطبيعة المحددة للموضوع العام الذي يتم تناوله في إطار هذه الأطروحة. ومن المثير للاهتمام حقًا، عندما يتعلق الأمر بتحليل نظام الضرائب المفروضة على التجارة الدولية التقليدية والرقمية، التعامل مع سلسلة من الوثائق والتقارير والنصوص القانونية التي يجب تحليلها من وجهة نظر مزدوجة: “الشكل” و”المضمون”. وعلى وجه الخصوص، تحليل محتواها.

  • المراجعة النقدية للنصوص القانونية

وفي الواقع، فإن أي نظرة عامة على النصوص القانونية في مجال الضرائب كما هو الحال في أي مكان آخر يجب أن تكون حاسمة. ومن الواضح أن الهدف النهائي يكمن في فهم نطاق وحدود هذه النصوص فيما يتعلق بموضوع البحث المطروح. وعلى وجه الخصوص، فإن القيود المفروضة على صياغة القوانين والمعايير التنظيمية فيما يتعلق بفرض الضرائب على التجارة الدولية التقليدية والرقمية لا يمكن أن تؤدي إلى الغموض فحسب، بل قد تؤدي أيضًا إلى تعقيد فعالية القانون، أي قابلية تنفيذه بشكل صحيح.

  • المقارنة المرجعية بين الدول

أكيد أن المقارنة المرجعية، أي اعتماد مناهج المقارنة بين البلدان، لا تجعل من الممكن إجراء مقارنة أفضل بين الدول فحسب، لا سيما فيما يتعلق بفرض الضرائب على التجارة الدولية التقليدية والرقمية، ولكن أيضًا استخلاص دروس مفيدة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وأخذها بعين الاعتبار عند تصميم وتنفيذ السياسات العمومية الضريبية. علاوة على ذلك، تميل منهجية المقارنة المرجعية اليوم إلى أخذ الأسبقية عند تطوير العمل البحثي، وكذلك التقارير التي تضعها مكاتب البحث الوطنية والدولية.

  • ثامنا :خطة الدراسة

تتمحور هذه الأطروحة حول ثلاثة أقسام متكاملة:

– يتناول القسم الأول التجارة الدولية الكلاسيكية والرقمية من منظور تاريخي، فيما يتعلق بعملية عولمة الاقتصادات الوطنية، في محاولة لتسليط الضوء على وضع التجارة الدولية الكلاسيكية والرقمية في علاقته بظاهرة العولمة، لما تشكله المقاربة التاريخية من أهمية قصوى في مسلسل فهم الظواهر الاجتماعية وتجاوز التعقيدات المصاحبة لها.

– القسم الثاني من هذه الأطروحة يشرح أنظمة الضرائب على التجارية الدولية التقليدية والرقمية مع إظهار الاختلافات والجسور بين النظامين الضريبيين، مع الاعتماد على مجموعة من التخصصات القانونية ذات الصلة. إذ من المؤكد أن الغرض الأساسي من هذا القسم هو التحديد الواضح لمشكلة فرض الضرائب على التجارة الدولية من منظورها التجاري/الرقمي المزدوج، وبالتالي إظهار التحديات التي تواجه المجتمع الدولي فيما يتعلق بفرض الضرائب على المعاملات التجارية الدولية، وضمان زيادة الإيرادات الضريبية، وتحقيق العدالة الضريبية، ومكافحة التشوهات النظامية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول.

ويتناول القسم الثالث من موضوع هذا البحث دراسة حالة المغرب فيما يتعلق بالموضوع الرئيسي للدراسة. فهو يضع أولا تقييما تاريخيا للمعاملات التجارية بالمغرب، ثم يركز على النظام الضريبي المعمول به في مجال التجارة الدولية الكلاسيكية، ويركز على انتقال المغرب إلى التجارة الرقمية عبر الحدود ، والمجودات المبذولة في هذا الإتجاه، من حيث الإعفاء الضريبي لبعض الأنشطة التجارية في القطاع الرقمي، ويحلل أخيرًا التحديات والآفاق المتعلقة بفرض الضرائب على التجارة الرقمية الدولية، والتي ستكون مربحة وعادلة وكفيلة بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب الذي هو في أمس الحاجة إليها.

كل قسم من الأقسام الثلاثة لعملنا البحثي ينقسم إلى ثلاثة فصول:

ينقسم الفصل الأول المعنون بـــ “تطور عولمة التجارة الدولية: منظور تاريخي” إلى المباحث الثلاثة التالية:

المبحث الأول بعنوان “مسألة العولمة: نظرة تاريخية”؛

المبحث الثاني بعنوان “تاريخ التجارة الدولية الكلاسيكية”؛

المبحث الثالث حول موضوع “نشوء التجارة الدولية الرقمية”.

أما القسم الثاني بعنوان “فرض الضرائب على التجارة الدولية من التقليدية إلى الرقمية: مراجعة شاملة للقواعد القانونية” فيتضمن الفصول الثلاثة التالية:

الفصل الأول بعنوان “فرض الضرائب على التجارة الدولية التقليدية: مساهمة القانون التجاري الدولي والقواعد القانونية ذات الصلة”؛

-الفصل الثاني حول موضوع “فرض الضرائب على التجارة الدولية الرقمية: تحدي العصر الرقمي”؛

-الفصل الثالث يتناول موضوع “الضرائب على التجارة الدولية الرقمية: تحليل من حيث بنية الضرائب والرسوم”؛

– القسم الثالث المخصص حصرا لحالة المغرب الخاصة والمعنون بــــ “الضرائب على التجارة الدولية بالمغرب: نحو التجارة الإلكترونية الدولية” يتكون أيضا من ثلاثة فصول:

الفصل الأول يحمل عنوان “الإطار العام للمعاملات التجارية الدولية بالمغرب والضرائب المفروضة عليها؛

ويركز الفصل الثاني على “ظهور شبكة الأنترنيت والتجارة الإلكترونية في المغرب”؛

أما الفصل الثالث من القسم الثالث فقد جاء تحت عنوان “تضريب التجارة الدولية الإلكترونية في المغرب: أي آفاق؟”.

  • القسم الأول : تطور عولمة التجارة الدولية: منظور تاريخي

 تسهل شبكة الأنترنت أساسا حركة الانشطة التجارية، وتزيد من رقم معاملات الشركات، فالأعمال أو الأفراد العاملون عبر الشبكة العنكبوتية يستطيعون الانتقال إلى البلدان ذات النظم الضريبية الأسهل والأكثر تشجيعا للاستثمار، وهو ما يهدد الدول النامية اليوم التي تعرف تآكلا في وعائها الضريبي، في فقدان استثمارات مهمة.

إن تقلص الموارد المالية الضرورية من أجل قيام الدول بتمويل المشاريع وضمان سيرها، سيؤدي إلى عجز في الميزانية، واللجوء إلى المديونية لأجل سد هذا العجز،[1] وهذا ما يجعل الدول تدافع عن الضرائب وتحرص عليها من أجل تحقيق كفاية الموارد المالية. لكن في المقابل تدفع المبادلات الإلكترونية العاملين في هذا المجال إلى تجنب دفع الضرائب أو على الأقل الحد من سلطة الإدارة الضريبية في استخلاصها، كما هو الشأن بالنسبة للتجارة التقليدية، وهو ما يدفع إلى القول بأنه إذا كان التهرب الضريبي يخرق القوانين الضريبية صراحة، فإن مخططات الشركات التجارية الرقمية تتجنب دفع الكثير من الضرائب بالإعتماد على وسائل معقدة تجعل من الصعب على الإدارية الضريبية تقديم أدلة على مخالفة هاته الشركات للقوانين الضريبية الجاري بها العمل.

  • القسم الثاني : فرض الضرائب على التجارة الدولية من التقليدية إلى الرقمية: مراجعة شاملة للقواعد القانونية

كان لزاما علي كباحث وقبل أن أتحدث عن تضريب التجارة الدولية من العادي الى الرقمي وإصلاح القواعد القانونية ذات الصلة بالموضوع، التطرق أساسا الى تطور عولمة التجارة الدولية من منضور تاريخي في القسم الأول، ، وختمت هذه الدراسة بالقسم الثالث الذي اخترت له إشكالية فرض الضرائب على التجارة الدولية في المغرب : نحو تجارة دولية رقمية.

وعطفا على ما تقدم، فلا جدال في أن القوانين الضريبية التي تمت صياغتها وفقا لطبيعة التجارة التقليدية تواجه قصورا في معالجة التعاملات التجارية الالكترونية، وبعبارة أخرى هناك فجوة تشريعية تثير حيرة وقلق القوانين الضريبية، إذ أنها ترفع تحديا أمام الجهات المسؤولة عن الفحص والتحصيل الجبائي، نظرا لصعوبة، إن لم نقل، تعذر إسقاط القوانين الجبائية المعروفة في مجال التجارة العادية على التجارة الالكترونية، كل هذا دفعنا إلى دراسة موضوع   تضريب التجارة الالكترونية لما يثيره من جدل فقهي واسع، محاولين إزالة اللبس القائم والغموض الذي يحيط به من خلال التساؤل عن  مستقبل هذا النوع من التجارة، وحجم الضرائب التي تمنحها للدول إذا تم استثمار جميع المؤهلات الممكنة لجمعها وتنظيم أدائها بشكل جيد. من ـأجل الوصول إلى وضع سياسة ضريبية قادرة على دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

من خلال هذا البحث، نقوم بتحليل النظام الضريبي والقانوني الذي يتيح مراقبة وتنظيم فرض الضرائب على التجارة الدولية التقليدية والرقمية في المغرب. ذلك أن النظام الجبائي القائم ظل يواجه تطوراً سريعاً للغاية في ممارسات التجارة الدولية منذ عدة سنوات، لا سيما بسبب تكامل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات والتطورات التي أحدثها ذلك على مستوى التجارة بشكل عام، وعلى مستوى التجارة الدولية بشكل خاص. كل هذه التطورات تضع نظامنا الضريبي والقانوني أمام تحدي كبير يتمثل في التحديث والتحديث. عملنا البحثي هو جزء من هذا الهدف. ويركز على تحليل النظام الضريبي والقانوني للتجارة الدولية التقليدية والرقمية في المغرب. علاوة على ذلك، يهدف بحثنا أيضًا إلى التعرف على مكتمن الخلل في النظام الضريبي الحالي واقتراح توصيات للتغلب على المشكلات المطروحة.

مما لا شك فيه، أن لهذه الاختلالات آثار ليس فقط على الجانب القانوني والمالي، ولكن ببساطة على الجوانب الاجتماعية والمجتمعية للمواطنين في المغرب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم كفاية تنظيم التجارة الإلكترونية يتسبب في خسائر مالية للدولة المغربية، وحلها سيجعل من الممكن سد العجز الملحوظ في الجانب المالي للدولة. فخلال تحليلنا للدراسات السابقة، لاحظنا أن بعض الأعمال تناولت الجانب الضريبي أو الجانب القانوني للتجارة الرقمية الدولية، ولكن بطريقة منفصلة. وهذا يعني أن هذا العمل البحثي سعى إلى تناول الموضوع من الجوانب القانونية والمالية المرتبطة بهذا النوع من التجارة في وقت واحد، (وهذا أحد مساهماتنا الرئيسة).

  • القسم الثالث : الضرائب على التجارة الدولية بالمغرب: نحو التجارة الإلكترونية الدولية

يهدف هذا القسم إلى تقديم إجابات للمشاكل المتعلقة بالتجارة الدولية في المغرب. ولهذا اخترنا المنهج الوصفي التحليلي الذي يتمثل في وصف التجارة الإلكترونية الدولية كظاهرة جديدة في ممارسة الشؤون التجارية سواء للأفراد أو الشركات أو الدولة. ولذلك قمنا بمراجعة الإطار المؤسسي والجهات الفاعلة التي تحكم هذه الطريقة الجديدة لممارسة التجارة الدولية. ومن بين الإطار المؤسسي، نظرنا إلى الإصلاحات المختلفة التي أدخلتها الحكومة المغربية لبناء بيئة مواتية للتجارة القائمة على الوسائط الرقمية والاستخدام المكثف لتكنولوجيات المعلومات الجديدة.

علاوة على ذلك، قمنا في هذا القسم الأخير بتوسيع مجال بحثنا لتوضيح الوضع الحالي للتجارة الرقمية الدولية، ويتميز هذا النوع الجديد من التجارة بالسرعة والربحية للتبادلات التجارية. ومن الواضح أن أحد أعظم مساهمات هذا النوع من التجارة هو تقليل ثقل وبطء التجارة التقليدية، من خلال المرور إلى شيء آخر غير الاتصال الجسدي بين البائع والمشتري. وهذا الاتصال الجسدي، الأساسي في التجارة التقليدية، “شكل مع مرور الوقت عاملاً كاشفاً للتأخير والانسداد وعدم اليقين الاقتصادي بالنسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب كما العديد من دول العالم ”.

ومع ذلك، فمن الواضح أن النظام الضريبي المعمول به في بلدنا يجب أن يتبع بالضرورة جميع التطورات التي شهدتها هذه الطريقة الجديدة لبيع المنتجات، ولا سيما مع ظهور التجارة الدولية الرقمية، وتعزيز ثقة المواطن في هذا النوع من التجارة، التي يتحاشى البعض الاستفادة من مزاياها بداعي افتقارها إلى العناصر التي تجعلها أمنة بشكل تام. ولم يؤد هذا التطور إلى رقمنة الاقتصاد بأكمله فحسب، بل أدى أيضًا إلى تعطيل سلاسل الإنتاج الصناعي الدولية. ولذلك فإن الاستخدام المكثف للإنترنت قد أتاح خفض العديد من التكاليف على المنتج والموزع والمشتري كذلك، حتى أن الإنترنت أتاحت إمكانية نقل الإنتاج بناءً على معايير جديدة. ولعل أهم فرضياتنا لعملنا البحثي الحالي. نعتقد أنه إذا تمكنت الدولة من فرض ضرائب فعالة على المعاملات عن بعد، فإن ذلك يمكن أن يشكل إيرادات ضريبية كبيرة، ويساهم في زيادة إيرادات الدولة، وفي الوقت نفسه يقلل الإنفاق العام الذي يؤثر حاليًا سلبًا على الإنفاق العام. هذه العودة الاجتماعية. وبهذا المعنى، فمن الملاحظ أن إحدى مزايا التجارة الإلكترونية هي على وجه التحديد تقليل الوسطاء الذين يعملون كجامعي ضرائب المبيعات للحكومات في حين أن الشركات المصنعة أو حتى الشركات الافتراضية لا تفعل ذلك.

وبشكل عام فإن التهرب الضريبي له آثار اقتصادية واجتماعية سلبية، حيث يعتبر أحد العوامل المساهمة في التخلف التنموي إلى جانب الفساد المالي. أولاً، يضر بمصلحة الدولة، كما يضر بمصالح الأفراد، لأنه يؤدي إلى حرمان الخزينة العامة من موارد إضافية، مما يؤدي إلى انهيار هيكلية الموازنة. خاصة وأن الإنفاق العام يتقرر على أساس الموارد، وإذا كانت الدولة غير قادرة على تحصيل الموارد المخصصة في الموازنة. سيؤدي ذلك إلى عجز بين النفقات والدخل.

وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد إجماع على فرض الضرائب على التجارة الإلكترونية، ومع ذلك، فإن جميع الدول مدعوة إلى وضع سياسة ضريبية تقوم على مبادئ ثابتة مثل: مكافحة الازدواج الضريبي، والكفاءة الضريبية، والبساطة في الإجراءات المتعلقة بتحصيل الضرائب، والعدالة الضريبية. كما نؤكد على ضرورة التطبيق الصحيح للقانون المغربي في الجانب الضريبي للتخفيف من حالات التهرب الضريبي ومحاربة العوامل التي تساعد على استفحال هذه الآفة.

وأخيرا، تهدف الضريبة العادلة إلى تخفيف الضغط المالي على الملزم ضريبيا، علما أن الضريبة هي المصدر الأساسي لميزانية الدولة المغربية بالمعنى العام، بما في ذلك الجماعات المحلية، فهي تمثل ما يعادل 90% حسب المقرر في قانون المالية لسنة 2023، ويمكنها الحد من آفة الغش والتهرب الضريبي باعتماد مبدأ الشفافية في إقرار الضريبة، والحكامة في تحصيلها بشكل لا مجال فيه للتمييز بلين الملزمين ضريبيا سواءا كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين، ذلك أن المغرب باعتباره دولة نامية تفتقر إلى حد ما للرقابة الضريبية، مطالب بتعديل معدلات الضرائب للانضمام إلى قائمة الملاذات الضريبية، التي أصبحت قبلة للمستثمرين، ونرد على سبيل المثال لا الحصر، سويسرا وبلجيكا ولوكسمبورغ…

وحيث إضافة إلى ذلك، فقد حاولت في هذا القسم الثالث من البحث الانكباب على دراسة واقع تضريب التجارة الدولية الرقمية بالمغرب، في محاولة لسبر أغوار هذا الموضوع الذي يتطلب إصلاحا ضريبيا عميقا لتجاوز حالة التناقض القائم بين الالتزام الضريبي المقرر بمقتضى القانون المالي، والذي يشكل مظهرا من مظاهر الوظائف الضريبية المشروعة للدولة، والتزام الدولة في تقديم خدمات اجتماعية للملزمين، وضمان جودة عمل المرافق العمومية الأساسية، مع الدعوة إلى عصرنة أجهزة الدولة وطرق تدبيرها للمجال الضريبي، لتدارك الجوانب التدبيرية التي تشهد نوعا من الخلل في الادارة الضريبية، التي لا تزال خاضعة لأليات تقليدية عتيقة، على غرار ما تعرفه العديد من الدول، كفرنسا على سبيل المثال لا الحصر، وذلك بغاية جعل النظام الضريبي المغربي أداة مساهمة في تأهيل تنافسية المغرب لجلب الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز الاستثمارات المحلية، دون المساس بحق الدولة المغربية في ضمان سيادتها المالية التي تختلف عن السيادة بمعناها التقليدي (السيادة السياسية)، عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع ظاهرتي الازدواج الضريبي والتهرب الضريبي الدولي.

  • ثامنا : النتائج والتوصيات والمقترحات

خلال هذا العمل البحثي، أوضحنا إلى أي مدى “يعمل الاقتصاد الرقمي على تسريع وتيرة الابتكار ونشر السلع والخدمات الجديدة، بفضل الاستفادة من عائدات التجارة الدولية الرقمية، وما توفره من رأسمال استثماري مهم، وهو أمر بالغ الأهمية لتمويل دورات الابتكار القصيرة، وحشد استثمارات ضخمة، مصحوبة بعائدات مهمة لعدد قليل من الشركات التي تحقق النجاح وتتطور على نطاق واسع.

ومن ناحية أخرى، فمن الواضح أن تفسير الزيادات في معدلات الضرائب يكمن في حقيقة أن المغرب، بطبيعة الحال، بوصفه من البلدان السائرة في طريق النمو، يفتقر إلى الإيرادات التي تسمح له بالاستجابة لمتطلبات هذه النفقات العامة، كما أن الملزم ضريبيا، من خلال الممثلين الذين ينتخبهم في البرلمان، قد قبل، بطريقة غير مباشرة، الضرائب التي يخضع لها. بمعنى آخر، نحن نتحدث عن أن شرعية الضريبة تنبع من قبولها، بالوكالة، من قبل الملزم، وهذا ما يسميه المتخصصين في المجال الضريبي بـ”الموافقة على الضريبة أو الرضى الضريبي”.

ومن أجل الإجابة على مختلف الأسئلة المطروحة في هذا البحث، أود أن أقترح بعض الحلول للإشكالية التي تم تحديدها واقتراح الاستجابات الممكنة للصعوبات المتعلقة بفرض الضرائب على التجارة الدولية، سواء التقليدية أو الرقمية.

أولا، نذكر أن السلطات الضريبية في المغرب تلعب دورا حاسما في مواجهة التحديات المتعلقة بالحد من معدل التهرب الضريبي. ويتمثل هذا الدور في خلق مناخ ضريبي مناسب يتماشى مع التحديات الجديدة للتجارة الإلكترونية.

ويلخص الجزء التالي بعض التوصيات التي خلصت إليها من خلال هذا البحث المتواضع:

  • إنشاء قنوات واضحة وشفافة حول التدابير الإدارية المتعلقة بفرض الضرائب على التبادلات الرقمية.
  • تشجيع التعاون الدولي في المجال الضريبي، والسعي إلى تفعيل مقتضيات الإتفاقيات الدولية ذات الصلة بالتضريب، والتوعية بأهمية تطبيق الاتفاقيات الدولية في قطاع التجارة الرقمية بالمغرب.
  • .إثراء النقاش المجتمعي والمؤسساتي حول العدالة الضريبية في المغرب، بهدف إرساء أسس دولة الحق والقانون، ووضع الإجراءات القانونية الأكثر فعالية لمكافحة التهرب والغش الضريبي، وتشجيع الإعفاءات الضريبية لإنعاش الدورة الاقتصادية.
  • وضع نظام ضريبي يتلاءم مع عالم التجارة الرقمية، من أجل تقليص الهوامش الضريبية، وتلافي التعقيد الذي يعرفه مجال تضريب التجارة الدولية الرقمية، التي تختلف أنظمتها الضريبية عن تلك المتعارف عليها في ما يخص التجارة الدولية التقليدية.
  • إنشاء منصة رقمية لفرض الضرائب على أنشطة المؤثرين الذين يذرون دخول مهمة من خلال عدد “مشاهدات” مشتركيهم-متتبعيهم- على شبكات التواصل الاجتماعي ( فيسبوك، انستغرام، تيك توك، يوتيوب، إلخ.
  • إصلاح بعض المواد من المدونة العامة الضرائب لسد الثغرات الموجودة بها بهدف السماح للإدارة الضريبية بتغطية الأنشطة الاقتصادية الأخرى وإخضاعها للضريبة في نفس الوقت وبالتالي تحصيل المزيد من الإيرادات المالية.
  • تنظيم قمة دولية حول القضايا المتعلقة بفرض الضرائب على التجارة الرقمية الدولية، من أجل الاستفادة من التجارب الدولية والإقليمية في هذا المجال وتبادل الخبرات.
  • تدعيم التماسك بين المنظمات المختلفة، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية، وغيرها من المؤسسات والمنظمات التي تهتم بمجال العدالة الضريبية، بهدف إعادة بناء المؤسسات الوطنية المسؤولة عن الضرائب، وتخصيص الموارد المالية وحتى البشرية لها لتقديم خدمات جيدة، دون أن ننسى تأهيل الموظفين المكلفين بالمديرية العامة للضرائب وتجاوز النقص الحاصل في عدد المفتشين الماليين .
  • تعزيز الرقابة الضريبية الدولية على الشركات الأجنبية، من قبل المديرية العامة للضرائب، بهدف مضاعفة النتائج وتحصيل المزيد من المداخيل الضريبية، وتعزيز التواصل والإقرار الذي تطالب به الشركات الوطنية، من خلال تبادل المعلومات بين الإدارات الضريبية والملزمين ضريبيا، بهدف إنشاء نظام عام للشفافية، وجعل من الممكن قياس التهرب الضريبي الدولي من قبل الشركات بشكل أفضل.
  • العمل على تحديد مفهومي: الغش والتهرب الضريبي، واعتبارهما جرائم تخضع لعقوبة السجن النافذ في بعض الانظمة القانونية المقارنة .[2]

وبشكل عام، يعتبر التهرب الضريبي ظاهرة اجتماعية تشكل خطرا على الاقتصاد الوطني وتعيق تنفيذ السياسات المالية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تخسر الخزينة العامة بالمغرب أساسا، موارد مالية كبيرة جدا، ذلك أنه لوصف أي عمل غير قانوني بأنه تهرب ضريبي، من الضروري توافر عنصرين أساسيين، ويتعلق العنصر الأول بأساليب الاحتيال، التي يمكن أن يقوم بها الخاضع للضريبة لتجنب دفع الضريبة بالمعدلات المقررة قانونا، ويتعلق العنصر الثاني بالقصد الجنائي، وهو انصرام نية الملزم ضريبا بعدم الغش في دفع ضريبة أو عدة ضرائب إضرارا بخزينة الدولة، وهو بهذا المعنى يقاوم أداء ما يلزمه من تكاليف عامة.

  • يوصى بتنفيذ الدولة المغربية للاتزاماتها المنصوص عليها في القانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الجبائي، أي إعادة التوزيع الفعال وتقليص الفوارق بهدف تعزيز العدالة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي؛ تعزيز فعالية وكفاءة الإدارة الضريبية وتعزيز الثقة المشتركة مع المستخدمين…

وخلاصة القول، إن تفعيل آليات تجريم التهرب الضريبي الذي يندرج تحت مسمى “الانحراف المالي”، يحتاج إلى عدالة فعالة ومتخصصة، علماً بأن العدالة الزجرية ليست على دراية حتى الآن بمفاهيم القانون الاقتصادي والمالي، مما يدفعها في كثير من الأحيان إلى الاعتماد على الخبرة، وهذا ما دفع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمطالبة المغرب أكثر من مرة بإعادة النظر في المنظومة القضائية، وذلك بتكوين قضاة متخصصين في جرائم المال والأعمال، دون أن ننسى تعديل القانون المتعلق بالجرائم المالية، وتوسيع دائرة الجهات القضائية المختصة جرائم الأموال العامة، بإحداث أقسام أخرى أمام محاكم الاستئناف، إضافة إلى المحاكم الأربع المتخصصة حاليا وهي محاكم الاستئناف بكل من :(الرباط، الدار البيضاء، فاس، مراكش).

وأخيرا، يمكن طرح العديد من الأسئلة البحثية التي يمكن أن تكون موضوعا لدراسات بحثية مقبلة:

يلاحظ أن تطوير واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ يشهد تفاوتا ملحوظا بين العديد من دول العالم، وأن هذا الوضع يؤدي إلى زيادة فجوة عدم المساواة في الاستفادة من الفرص التي تتيحها تقنيات التكنولوجيا الحديثة واستخدامها في المجال التجاري على المستويين الوطني والدولي؟

  • كيف يمكننا التوفيق بين تطور التجارة الرقمية من خلال تخفيض الرسوم الجمركية والاستجابة للشروط المنصوص عليها في اتفاقيات التبادل التجاري الحر باستعمال تقنيات التكنولوجيا الحديثة، واستحضار مبدأ السيادة الضريبية الوطنية؟
  • كيف يمكن للخسائر في الإيرادات الجمركية والضريبية بسبب الإعفاءات المتعددة التي تتمتع بها التجارة عبر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تؤدي إلى إعاقة نمو البلدان السائرة في طريق النمو بما فيها المغرب؟
  • كيف يمكن الحد من آفة التهرب الضريبي من جهة، ومن جهة أخرى وضع قانون المالية الذي يتوافق مع مبدأ المساواة والقدرة على المساهمة في التكاليف الضريبية بما يضمن الحد الأدنى من “الأمن الضريبي”؟
  • ما هي التدابير التي اتخذها المغرب لتطوير تكنولوجيات المعلومات والاتصالات؟ وكيف تغير التقنيات الرقمية التجارة العالمية؟

وبشكل عام، فإن التهرب الضريبي له آثار اقتصادية واجتماعية سلبية لا يختلف حولها إثنان، حيث يعتبر أحد العوامل المساهمة في التخلف التنموي إلى جانب الفساد المالي، لأنه يضر أولاً بمصلحة الدولة، كما يضر بمصالح الأفراد، لأنه يؤدي إلى حرمان الخزينة العامة من موارد إضافية، مما يؤدي إلى انهيار في منظومة الموازنة المالية الوطنية، خاصة وأن الإنفاق العام يتقرر على أساس الموارد، وإذا كانت الدولة المغربية غير قادرة على تحصيل الموارد المخصصة في الموازنة، فإن ذلك سيؤدي إلى عجز بين النفقات و الايرادات.

أخيرًا، أود التأكيد على أن هذا البحث لا يشكل سوى الحجر الأولى في مجموعة من الأعمال التي أسعى إلى مواصلتها وتعميق البحث فيها مستقبلا، بالتعاون مع باحثين آخرين وفرق بحثية أخرى، ومن بين المواضيع التي يثيرها موضوع هذه الأطروحة، أذكر على سبيل المثال لا الحصر، أهمية دراسة الخسائر الضريبية في مجال التجارة الرقمية، أو تحليل الفرص غير المستغلة بعد تداول العملات غير الخاضعة للرقابة، أو حتى دراسة معدل الضريبة المنخفض للغاية على الدفع عبر الإنترنت.

  • تاسعأ : أفاق البحث 

مساهمة مني كباحث، وممارس في المجال القانوني بصفتي محام، في تسليط الضوء على موضوع لم يحضى بكثير من النقاش والدراسة والبحث، املا أن يشكل إضافة نوعية وقيمة مضافة للأعمال التي تطرقت للمسألة الضريبية في المغرب، والغاية الأكيدة هي تقديم عمل أكاديمي يساعد الطلاب في تعميق مداركهم، ويساعد السياسين والمدبرين للشأن العام في بلورة سياسات عمومية مالية واقتصادية و ضريبية تراعي مبدأ العدالة الاجتماعية، والمساواة في تحمل أعباء الدولة، بما يضمن قبولا بالضريبة بشكل عام ويمنع ظهور جبهات معارضة للأداء الضريبي، كما كان عليه الأمر مع الإدارة المخزنية في المغرب.

ختاما نسعى من خلال هذا البحث إلى إغناء الخزانة الوطنية بدراسة لأهم الاشكالات المرتبطة بتضريب التجارة الدولية الالكترونية والعادية، وتقديم بعضا من الأجوبة، الهادفة إلى مساعدة الطلبة الباحثين المتخصصين في المجال الضريبي،  بالإضافة إلى الباحثين الأكاديميين ممن لديهم اهتمام خاص بدراسة المالية العمومية، ولعل من يأتي بعدي من الباحثين المجدين سيفصل في باقي الزوايا التي لم أستطع تسليط الضوء عليها، مما يثري قريحة الباحثين في إتمام دراسة هذا الموضوع.


[1] وقد بلغ حجم دين الخزية خلال شهر يوليوز 2021 ما يعادل 855.844  مليون درهم، حسب ما تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2022، منشور بموقع وزارة الإقتصاد والمالية :. https://www.finances.gov.ma/Publication