ملاحظات حول كتاب “النبوة والسياسة” لعبد الإله بلقزيز
هل كان محمد بن عبد الله نبيا وكفى، أم كان صاحب مشروع سياسي؟ ألا يكون جامعا بين الدعوة إلى الله وبناء كيان سياسي؟ من يستقصي التجربة العربية – الإسلامية، فكرا وواقعا، يلاحظ تقابل العديد من الثنائيات المتعارضة (والمتساكنة في آن واحد): القرآن والسلطان، الصحابة والحاشية، الجهاد والحرب، الخلافة والمُلك، الشرع والسلطان، الدين والدنيا…
أغلب من يتحدّث باسم الإسلام، معتدلا كان أو متطرّفا، يتوق لتحقيق الطرف الأول من هذه المعادلات. يحلم بالخلافة وأولوية القرآن وتطبيق الشريعة وإعلان الجهاد… ومع ذلك، ينبئنا التاريخ كيف انقلبت الخلافة إلى مُلك، وتساكن الطرفان، وكيف تكامل الحكم السلطاني مع مبادئ الشرع، فتعايش الاثنان ، وكيف تجاورت، بل وتكاملت الوظائف السلطانية – الدنيوية (من وزارة وكتابة وحجابة…) مع الخطط الخلافية – الدينية (من قضاء وإفتاء وحسبة…) ، وكيف أصبغت كل الدول التي تعاقبت على الرقعة العربية الإسلامية طابع الجهاد على كلّ حروبها، حتى ولو كانت قتلا للمسلمين، بعضهم بعضا.
كلّ الثنائيات المذكورة تجد أصلها في ثنائية أعمق هي النبوة والسياسة؟ ذاك هو التساؤل المركزي الذي تتفرّع عنه كلّ القضايا المثارة في الكتاب.