مقدمة:
استطاعت أزمة فيروس كورونا أن تحتكر لنفسها لقب أول أزمة شملت جميع دول العالم بدون استثناء في القرن الواحد والعشرين، هذه الأزمة التي أفرزت وضعا غير مسبوق أدى إلى إقرار إجراءات وقائية على رأسها الحجر الصحي الذي منع بموجبه التنقل بين الدول وداخلها، تفاديا لانتقال العدوى التي أثبت الأطباء أنها تنتقل بسرعة في حالة فيروس كورونا أكثر من أي فيروس آخر. الشيء الذي أدخل العالم فيما يشبه السبات الكوني وحالة الجمود والترقب أمام كائن مجهري لا يعرف الإنسان كيف يحاربه.
مع مرور الوقت، أفرز الخوف من الفيروس تخوفات أخرى على مستويات عدة، فتوقف الاقتصاد كان من بين نتائجه تأثر ملايين الناس سلبا بوضعية الجمود الجديدة، وهذا ما حول أزمة كورونا إلى محرك لعملية تفقير ضخمة وسريعة، نتج عنها فقدان شرائح واسعة لمداخيلها وتحول المنتمين إليها من أجراء أو ممارسين لمهن حرة تدر مدخولا محترما، إلى شرائح تنتظر ما ستجود به مخططات الدولة عليها من دعم ومساعدات تضمن لها البقاء في مستوى الحد الأدنى من العيش. وقد كانت وضعية اقتصاديات الدول عاملا حاسما في التخفيف من آثار الأزمة على مواطنيها، إذ أن الدول ذات الاقتصاديات القوية عبأت ميزانيات هائلة لتقديم المساعدات المالية للأسر المتضررة، قصد مساعدتها على ضمان الحد الأدنى من حاجياتها، والحفاظ على مستوى أدنى من الاستهلاك يجنب الدورة الاقتصادية الشلل التام، مما قد يحول الأزمة من اقتصادية إلى اجتماعية تؤدي في النهاية إلى أزمات سياسية مفتوحة على المجهول.
سعيد الحاجي
أستاذ باحث في التاريخ المعاصر والراهن بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، المغرب، عضو مختبر التاريخ، المجال، الدينامية والتنمية المستدامة بنفس الجامعة. يشتغل على قضايا الدولة والمجتمع في المغرب خلال القرنين 19 و20.
Said El Hajji, Is a Research Professor of Contemporary and Current History at Sidi Mohamed Ibn Abd Allah University in Fez, Morocco, Member of the Laboratory of History, Scope, Dynamism and Sustainable Development at the same university. He works on issues of state and society in Morocco during the 19th and 20th centuries.