البعد الدستوري لصدارة الجهة في الهندسة الترابية: حيوية المبدأ والارتباكات المرتبطة به

نُشرت هذه دراسة ضمن المؤلف الجماعي الذي أصدره مركز تكامل للدراسات والأبحاث دجنبر 2020 بعنوان: “الديمقراطية المحلية وآفاق التنمية الترابية بالمغرب” وهو معروض في المكتبات، كما يمكن تحميله من خلال الموقع الإلكتروني للمركز“.

مقدمة:

تجسد الصدارة “فكرة جديدة بطبيعتها”، وقد تم تكريسها لأول مرة في الفصل 143 من دستور 2011، وهي في الحقيقة قد تشكل لدى بعض المهتمين بالتنظيم الترابي اللامركزي زعزعة وتهديدا لوضع الجماعات الترابية، وكذلك يمكن أن تمس بشكل أو بآخر علاقاتها، فمختلف التأويلات التي أعطيت لمفهوم “الصدارة” وامتداداته المحتملة تكتسي أهمية بالغة في سياق التحديد الفيزيونومي”de la physionomie ، لمستقبل اللامركزية.

إن الاعتراف بوضعية الصدارة بالنسبة للجهة يأتي في إطار إعادة بناء وتكوين الفاعلين المحليين، وتطوير صلاحياتهم، إذ يشكل المفهوم أساسا لورش الجهوية المتقدمة بهدف تمكين الجماعة الجهوية الاستفادة من وضع خاص يتيح لها أداء مهامها الجديدة المتعلقة أساسا بالتنمية الجهوية، إلا أن مفهوم الصدارة يهدد بأن يكون مصدرا لتداخلات عديدة مرتبطة خصوصا بتأطير العلاقات ما بين مختلف أصناف الجماعات الترابية.

إن وضع “الصدارة” الذي يعترف به الدستور للجهة لا يأخذ طابعا مطلقا، بل يظل مؤطرا قطعا بالفصل 143 من الدستور، فالمبدأ ليس له توجه عام وشامل، ولكن من خلال سلطة إعداد – تحضير ومتابعة برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، ومن ثم فاحترام توزيع الاختصاصات المنجزة طبقا لمقتضيات القوانين التنظيمية هي مسألة إلزامية في هذا الإطار، فالأمر يتعلق بشكليات قانونية لتفعيل الصدارة، بحكم أن الدستور تفادى تدقيق القواعد، لأنها من اختصاص القانون “الإسنادية”، ولكنه رسم وحدد الإطار العام.