مقدمة:
يقتضي مبدأ الشرعية «Légélité» أن تلتزم السلطات الإدارة عند قيامها بواجباتها ومهامها بالضوابط الدستورية والقانونية، في ارتباط وثيق بالضمانات التي نظمها الدستور لحماية وضمان عدم تجاوز السلطة وخرق حقوق الإنسان، ما دامت السلطة ليست امتيازا لأصحابها وإنما هي مسؤولية تقع عليهم، فضلا على أن الحقوق والحريات ليست نصوصا تذكَر في الدساتير والمدونات القانونية، بل هي ممارسة تنعكس آثارها إيجابيا على المجتمع. كما أن من شأن تحقيق التوازن بين السلطة والحرية، أن يؤدي إلى إشاعة روح المواطنة بين أفراد المجتمع. لذلك فسلطات الإدارة هذه من خلال ما تتخذه من تدابير الشرطة الإدارية سواء القانونية منها (القرارات التنظيمية والفردية) أوالبشرية (القوة العمومية)، ينبغي أن تخضع لمبدإ الشرعية في الحالات العادية كما في حالات الطوارئ أو الضرورة أو الظروف الاستثنائية. فإلام يحيل مفهوم الشرطة الإدارية؟ وما حالات الطوارئ؟ ثم ما هي حالة الطوارئ الصحية؟
ينصرف مدلول الشرطة الإدارية[1] بصفة عامة إلى مجموع السلطات “من إجراءات وأوامر”، التي تتخذها السلطات المختصة طبقا للقانون، بهدف المحافظة على النظام العام وضبط حقوق وحريات الأفراد[2]. وقد عرفها دو لوباديرDE LAUBADERE بأنها: “مظهر من مظاهر عمل الإدارة يتمثل في تنظيم حريات الأفراد حماية للنظام العام”[3]. بينما رأى ريفيروREVERO أنها: “مجموعة من تدخلات الإدارة التي ترمي إلى أن تفرض على التصرف الحر للأفراد، النظام الذي تطالب به الحياة في المجتمع “[4]. ومن جانبه اعتبر بينوا BENOIT الشرطة الإدارية بمثابة قيد تفرضه السلطة العامة على نشاط الأفراد لتحقيق الصالح العام، بحيث يكون “هناك إجراء ضبط عندما تكون سلطة إدارية مزودة باختصاصات تسمح لها إما بتنظيم نشاطات معينة أو علاقات الأفراد، وإما بالتدخل بمناسبتها عن طريق الأوامر الفردية. إن الضبط هو استخدام سلطة إدارية للمنع”[5].
[1]– تجدر الإشارة إلى أنه يجب التمييز بين الشرطة القضائية والشرطة الإدارية، فإذا كان دور هذه الأخيرة وقائي قبل كل شيء بحيث تتدخل قبل وقوع أي ضرر محتمل، فإن الشرطة القضائية مهمتها الردع والزجر والمعاقبة على الجرائم التي وقعت بالفعل. ومع ذلك فالمفهومان يختلفان عن بعضهما البعض، وقد يجتمعان في يد واحدة كما هو الحال بالنسبة للشرطي الذي ينظم المرور، فهو في هذه الحالة يقوم بدور الشرطة الإدارية والغرض منه تحقيق تلك المقاصد الثلاثة السابقة، ولكنه حينما تقع مخالفة لقانون السير فإنه سرعان ما ينتقل لممارسة وظيفة الشرطة القضائية عن طريق ضبط المخالفة ومعاقبة المتسبب فيها. وتتميز الشرطة الإدارية بطبيعة إجراءاتها التي تصدر في شكل قرارات تنظيميه أو فردية والتي تخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضاً، أما الشرطة القضائية فانها تصدر في شكل قرارات قضائية لا تخضع لرقابة القضاء الإداري مبدئيا.
[2]– «La police administrative est l’ensemble des pouvoirs accordés par ou en vertu de la loi aux autorités administratives et qui permettent à celles-ci d’imposer, en vue d’assurer l’ordre public, des limites aux droits et libertés des individus ». M-A. FLAMME, « Droit administratif », t. II, Bruxelles, Bruylant, 1989, p. 1103.
[3] – «une forme d’action de l’administration qui consiste a réglementer l’activité des particuliers en vue d’assurer le maintien de l’ordre Public ». A. DE LAUBADERE, Traité de Droit administratif, 7ème éd, librairie, générale de droit et de jurisprudence, Paris, 1976, p. 643.
[4]– «l’ensemble des interventions de l’administration qui tendent à imposer la libre action des particuliers la discipline exigée par la vie en société». J. RIVERO, Droit administratif, 8ème éd, Dalloz, Paris, 1977, p 398.
[5] – P. BENOIT, Le droit administratif Français, Dalloz, Paris, 1968, p.746.
حسن صحيب
أستاذ التعليم العالي، بكلية الحقوق، جامعة القاضي عياض مراكش.
Professor of Higher Education, at the Faculty of Law, Cadi Ayyad University of Marrakesh.