دور العمل التطوعي في بناء المجتمعات المعاصرة

انعقد يومي الأربعاء والخميس 07- 08 فبراير 2024 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة المؤتمر الدولي الأول حول العمل التطوعي في موضوع: “دور العمل التطوعي في بناء المجتمعات المعاصرة”، من تنظيم مختبر القانون والسياسات العمومية، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، جامعة عبد المالك السعدي، ومركز تكامل للدراسات والأبحاث، وبشراكة مع مؤسسة هانس زايدل.

وقد عرضت خلال هذا المؤتمر مجموعة من الأوراق العلمية من تخصصات متعددة ومتنوعة لأساتذة وخبراء وطلبة باحثون، في إطار المحاور المبرمجة التي همت: العمل التطوعي بين بناء المجتمع وبناء الذات، التطوع والتنمية، التطوع والأزمات، التطوع والنوع، التطوع وأضداده، نقد التطوع، التطوع والقانون، التربية على قيم التضامن والعطاء والتطوع.

ففي اليوم الأول من هذا المؤتمر الدولي تم تنظيم جلستين علميتين بالإضافة إلى جلسة افتتاحية، وتميزت هذه الجلسة بكلمات كل من عميد الكلية، الذي أكد على أن التطوع يشكل رأسمال مهم ببلادنا، ثم كلمة رئيس شعبة القانون العام، حيث دعى إلى ضرورة تشجيع العمل التطوعي، والذي يدخل في إطار الموروث الثقافي المغربي وضمن مبادئ ديننا الحنيف. بعد ذلك أوضح السيد مدير مختبر القانون والسياسات العمومية أهمية التطوع كقيمة إنسانية متأصلة في المجتمع المغربي من خلال الممارسات التي تظهر في أوقات الأزمات وفي الفترات العادية. من جهته توقف المندوب الجهوي لمؤسسة هانس زايدل المغرب-موريتانيا عند نقطة تمويل المجتمع المدني لنفسه بالاعتماد على نفسه، كما صرح رئيس مركز تكامل للدراسات والأبحاث على أن الاشتغال والتحضير لهذا المؤتمر الدولي الأول من نوعه، دام لأكثر من سنة ونصف، وأن المؤتمر أصبح ذا أهمية كبرى بعد كارثة زلزال الحوز، لا سيما بعدما ظهرت الحاجة الملحة لضرورة تطوير العمل التطوعي وتنظيمه، حتى يتساوق المجهوذ المبذول مع النتائج المحققة.

بينما تطرقت الجلسات الموضوعاتية لمجموعة من القضايا من قبيل: العمل التطوعي ورهان تدبير الأزمات والمخاطر، وعلاقة التطوع الرقمي بالرأس المال الاجتماعي، والإطار القانوني والتنظيمي للتطوع التعاقدي بالمغرب، والعمل التطوعي بالمغرب بين التأهيل القانوني والممارسات البيروقراطية، والعمل التطوعي في الشمال والجنوب، والنساء المغربيات والعمل التطوعي بين الرغبة في خلق الفرص وتحدي التغلب على العقبات، وشبكات التواصل الاجتماعي ودورها في تعزيز ثقافة العمل التطوعي أثناء الكوارث المرتبطة بالظواهر الطبيعية، و مساهمة العمل التطوعي في حماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، وسوسيولوجيا التطوع: رأس المال الاجتماعي عند بيير بورديو ونقد التطوع المدني في المغرب، والتطوع كوسيلة لتعزيز ديناميكيات الهوية في الفضاء التراثي لمدينة مكناس.

واستأنف المؤتمر الدولي أشغاله خلا اليوم الثاني من خلال عرض مجموعة من الأوراق باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية تناولت دور التطوع في تعزيز المشاركة المواطنة في الجماعات الترابية، كما بحثت أسباب إنحسار الوقف في المغربوآفاق إستثماره، ووتناولت إحدى الأوراق موضوع التحول الذي عرفه المغرب من خلال الانتقال من نظام اجماعة إلى نظام الجمعية،  إضافة إلىة التطوع وديناميات التضامن الاجتماعي المجالي.

هذا، وتطرق بقية المداخلات إلى الدور الأساسي الذي يجب أن تلعبه الجامعة في تطوير الوعي التطوعي لدى الطلاب، والخلفية التقليدية للمجتمع المغربي المبنية على التطوع بشكل يومي ودائم، والأهداف المتوخاة من التطوع مع ضرورة تطوير قيم التضامن والتكفل من أجل استثمارها بشكل أفضل في العمل التطوعي، العراقيل التي تواجه المتطوعين، العمل التطوعي ومميزاته، بالاضافة إلى تأثير التطوع في الأطفال الصغار.  وبالموازاة مع ذلك، لم يتم إغفال أهمية المنظومة التربوية في ترسيخ قيم التطوع والتضامن في المجتمعات الحديثة عبر مدخل التربية والتعليم.

ومن خلال الأوراق المقدمة والنقاش التفاعلي، أمكن تسجيل مجموعة من التوصيات التي دعت إلى رسم سياسات عمومية وفق الخصوصيات المغربية متعلقة بالتطوع والعمل التطوعي، فضلا عن ضرورة تشجيع البحث العلمي والأكاديمي في مجال التطوع، وتفعيل القانون المتعلق بالتطوع التعاقدي وتطوير الإطار القانوني المتعلق بمجال التطوع، كما دعا المؤترمون إلى تقوية العمل التطوعي وتثمين المجهود الذي يبذل في مجال التطوع في الوسط المدرسي، والإدارات العمومية، المقاولات الخاصة…إلخ، مع ضرورة الحرص على ضرورة الإبقاء على عدم ربحية العمل التطوعي. وفي هذا السيق تمت التوصية بين بين جمعيات المجتمع المدني التي تشتغل في إطار التطوع، والجمعيات التي تحولت إلى ما يشبه “التدبير بالمفوض”، حيث أصبحت العديد من المرافق تدار من خلال جمعيات تتقاضى مقابلا على أعمالها من قبيل تفويت التعليم الأولي لكي يدار من خلال جمعيات، إضافة إلى ضرورة ابتكار أنواع جديدة من التطوع، كدعم المؤسسات العلمية وتطويرها في إطار مع أطلق عليه المندوب الجهوي لمؤسسة هانس زايل “التطوع المستدام”، لكن سؤالا بقي عالقا، ولم يتم الحسم في الإجابة عنه ألا وهو: هل التطور الذي يعرفه المغرب بخصوص عدد الجميعات يضاهيه تطور في نسبة التطوع؟