تقرير لقاء علمي حول موضوع: “الصعوبات التي تعترض البحث العلمي من منظور الباحثين الشباب”

الملخص

في سياق النقاش الأكاديمي والبحثي الذي دأبت عليه مجموعة من المؤسسات والتنظيمات التي تهتم بالعلوم الإنسانية وكذا القانونية والسياسية والاقتصادية، وبمناسبة تخليد ذكرى مرور ست سنوات على تأسيسه، نظم مركز تكامل للدراسات والأبحاث يوم الخميس فاتح أبريل 2021 لقاء علمياً في موضوع: “الصعوبات التي تعترض البحث العلمي من منظور الباحثين الشباب.

وقد تمحورت نقاشات هذا اللقاء الذي يكتسي أهميته العلمية حول واقع البحث العلمي وما يواجهه من إشكالات سواء ذاتية أو موضوعية، حيث كانت الفرصة سانحة لمجموعة من الباحثين الشباب والشغوفين التابعين لمجموعة من مراكز البحث بعدة جامعات مغربية وكذا عربية للتفاعل عبر موقع المركز مع موضوع هذا اللقاء العلمي للتعبير عن انشغالاتهم وكذا آرائهم ثم إبداء مواقفهم بشأن الصعوبات التي تواجه البحث العلمي، وهذا انطلاقاً بطبيعة الحال من تجربتهم الخاصة كباحثين، وكذلك لتقديم مجموعة من الاقتراحات والحلول الكفيلة بتذليل الصعاب أمام العمل البحثي والجامعي، ومن تم، الارتقاء بمجال المعرفة العلمية وتطويرها حتى تكون رافعة أساسية لتقدم الأمم والشعوب.

Abstract:

 In the context of the academic and research debate a group of institutions and organizations concerned with the human sciences as well as law, politics and economic have always been involved with the occasion of commemorating the six-year anniversary of its founding, the Takamul Center for Studies and Research organized on Thursday, April 1, 2021 a scientific meeting on the topic: “The difficulties encountered in scientific research from the viewpoint of researchers Youth”.

  The discussions of this scientific meeting were very important, which were framed by the same Center, about the reality of scientific research and the problems that encounter the researchers either subjectively or objectively. The meeting was available  opportunity to researchers youth from morocco and  several Arab universities, and also from various disciplines such as  law, politics and economic sciences as well as human sciences, for virtual interaction, through the centre’s portal, with the topic of this scientific meeting to express their concerns as well as their opinions and then express their positions on the difficulties encounter scientific research This is based, of course, from their own experience as researchers, as well as to present a set of proposals and solutions to overcome difficulties at the level of research and university work, and from this, the field of scientific knowledge and its development so that it is a fundamental lever for the advancement of nations and peoples.

خصص هذا اللقاء العلمي لمناقشة الصعوبات التي تعترض الباحثين في مساراتهم وأعماله البحثية والإكراهات المسجلة على هذا المستوى، حيث شكل فرصة لعرض مجموعة من الأفكار والمقترحات التي من شأنها الإسهام في تجويد المعرفة البحثية وتمكين الطلبة الباحثين من استكمال بحوثهم بنجاح، والتوفق في المهام الملقاة على عاتقهم، وهي تطوير المعرفة وإشعاعها على نطاق واسع وتقاسمها مع الآخرين من خلال إثراء المكتبات والخزانات الجامعية والفضاء البحثي بشكل عام بدراسات وبحوث.

ويندرج هذا النشاط البالغ الأهمية في إطار مناقشة حصيلة مركز تكامل ومنجزاته برسم ست سنوات من تواجده كبنية أكاديمية تهدف إلى إشعاع البحث العلمي الموضوعي الهادف والجاد، وأيضاً كفضاء لإنتاج المعرفة العلمية وكتجربة رائدة ومتميزة على مستوى مراكز البحث ببلادنا، وللتساؤل كذلك حول مناهجه وتراكماته.

وفي إطار هذا النقاش الهادف، كانت الفرصة سانحة لجل المتدخلين لإثارة الإكراهات والمعيقات الذاتية وكذا الموضوعية التي تواجه البحث العلمي ببلادنا، والتي يبقى أهمها تلك المرتبطة بالأساس بضعف الإمكانيات المرصودة للمجال البحثي، خاصة وأن الباحثين يعتمدون على وسائلهم الخاصة ومواردهم الذاتية، في ظل ضعف المنح الجامعية ومحدوديتها، وبالتالي تكمن هنا الصعوبة أمام الباحثين في القيام بتحركات وسفريات للبحث عن المراجع أو الحضور لأعمال وندوات علمية وأنشطة جامعية.

لقد عبر الباحثون “الشباب”، الذين تمت استضافتهم خلال هذا اللقاء والتفاعل معهم عبر بوابة المركز والإنصات إليهم، التعبير عن وجهات نظرهم في موضوع اعتبروه ذي أهمية وراهنية، وذلك من خلال إعطائهم الفرصة لطرح مجموعة من التساؤلات التي انصبت بالأساس حول مختلف الإشكالات التي تواجههم والعراقيل التي تقف حجر عثرة أمامهم، والتطرق إليها انطلاقاً من تجربتهم الجامعية، وهذا بالرغم بطبيعة الحال من الاختلافات الموجودة على مستوى هذه الصعوبات من تخصص إلى آخر ومن حقل معرفي إلى حقل معرفي آخر، كما هو الحال بالنسبة للعلوم التجريبية والعلوم البحثية بالمقارنة مع العلوم الإنسانية، ملتمسين في الوقت ذاته إجابات كفيلة بإفادتهم للنجاح في مسارهم الجامعي والبحثي. وقد حاولت الندوة تفكيك هذه التساؤلات والإشكالات المطروحة والرد عليها قدر المستطاع.

وهكذا، يمكن إجمال هذه الصعوبات التي تمت إثارتها من طرف المتدخلين فيما يلي:

– ضعف الإمكانيات والوسائل المرصودة للمجال البحثي مقارنة مع ما يرصد لباقي السياسات العمومية الأخرى خاصة في ضوء الناتج الداخلي الخام، بل أكثر من ذلك،  يلاحظ أن هناك تفاوتاً في الدعم حتى داخل المجال البحثي نفسه، بحيث نجد مثلاً أن العلوم الحقة تستأثر بحيز مهم من هذا الدعم مقابل ضعفه أو حتى غيابه بالنسبة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وبالتالي، يطرح التساؤل حول دور الدولة ومسؤوليتها في تحفيز البحث العلمي ودعمه، بحيث تشكل الصعوبات المادية في هذا الصدد عائقاً حقيقياً وحجر عثرة أمام الباحثين.

– غياب دراسات منجزة من طرف الدولة متعلقة بمجال البحث العلمي وبالصعوبات التي تجابهه، وهذا ما وقفت عنده بعض التقارير الصادرة عن بعض المؤسسات الوطنية؛

– عدم انفتاح الجامعة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي، حيث يلاحظ غياب شراكات للجامعة سواء مع المؤسسات الوطنية أو الجماعات الترابية، بما يعني عدم فتح آفاق للبحث العلمي والجامعي على هذا المستوى.

– إشكالية الحق في الوصول إلى المعلومات، حيث تواجه الباحثين صعوبات في الحصول على دراسات أو تقارير أو وثائق تكون أحياناً ممسوكة لدى بعض الإدارات والمؤسسات الرسمية؛

– مشكل التكوين الموازي بسلك الدكتوراه، حيث يتم تخصيص 200 ساعة للتكوين فقط، وهي مدة لا تلبي حاجيات الطلبة لا من حيث الكم ولا النوع، والنتيجة أن هناك في نهاية المطاف ضعف على مستوى التحصيل المعرفي؛

– غياب تكوينات محددة ودقيقة تعرف بمناهج البحث العلمي على مستوى الجامعة المغربية، مما يجعل الأمر صعباً بل وعصياً أمام الباحثين فيما يتعلق باختيار المنهج المناسب في أعمالهم لبحثية، هذا دون إغفال الصعوبة التي تواجههم كذلك في التعامل مع تقنيات البحث كالاستمارة، والملاحظة وكذا المقابلة؛

– مشكل التعدد اللغوي في ظل هيمنة اللغات الكولونيالية، حيث تواجه الطالب عدة صعوبات عند استعانته بمراجع مكتوبة باللغات الأجنبية خاصة عندما يتعلق الأمر بعملية ترجمة المؤلفات والوثائق المدونة خاصة باللغة الإنجليزية التي تعتبر اليوم لغة البحث العلمي بامتياز؛

– صعوبات مرتبطة بعملية نشر الباحثين لدراساتهم وأعمالهم البحثية على مستوى المجلات والدوريات خاصة المحكّمة منها؛ 

– هناك أيضاً بيروقراطية وتعدد على مستوى مراكز الدكتوراه وأيضاً تعدد في أنظمتها الداخلية ما بين مختلف الجامعيات ببلادنا؛

– وجود مشاكل في علاقة الباحث سواء بأستاذه المؤطر أو بمراكز الدكتوراه، مع غياب لدلائل توضح هذه العلاقة؛

– صعوبات ذاتية مرتبطة بمدى قدرة الباحث على حسن اختيار موضوع لبحثه وطرح إشكالية مناسبة له وكذا وضع فرضيات في محلها، تقابلها صعوبات تتعلق إما بندرة المراجع أو بكيفية استغلال المتوفر منها واستثمارها بشكل سليم وفعال، سواء تعلق الأمر بالبيبليوغرافيا المكتوبة أو الإلكترونية؛

  – هناك أيضاً إشكالات أخرى مرتبطة بالتفاوت في الإمكانيات المتوفرة لدى لطلبة ما بين منطقة وأخرى خاصة ما بين المدن الكبرى والصغرى، حيث غياب “العدالة البحثية” أو “العدالة المعرفية”، التي من شأنها أن تمكن من الاستفادة من مصادر المعرفة بشكل عادل ما بين مختلف الطلبة بما يضمن تكافؤ الفرص؛

– عدم انفتاح الجامعة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي بالشكل المطلوب، حيث يلاحظ غياب شراكات للجامعة مع المؤسسات الوطنية أو الجماعات الترابية، بما يعني أننا أمام غياب لفتح آفاق للبحث العلمي والجامعي على هذا المستوى.

وقبل ختم هذا النشاط العلمي، قدم هؤلاء الباحثون بالمناسبة شهادات واعترافات في حق مركز تكامل للدراسات والأبحاث الذي اعتبروه مؤسسة بحثية رائدة بامتياز استفاد منها الكثير منهم من خلال الندوات واللقاءات سواء الحضورية أو الافتراضية، حيث نوّهوا بأعماله ومجهوداته وإسهاماته العلمية متمنين له إضافة نوعية في مجال البحث العلمي للطلبة الباحثين وللعموم بشكل عام وتقريب المعرفة من الجميع.

كما لم تفت كذلك مؤطري هذه المائدة المستديرة الفرصة لتقديم شكرهم الخاص وامتنانهم لكل القائمين على مركز تكامل الذي اعتبروه بيتهم الثاني بعد الجامعة من خلال ما يعيشه من دينامية بحثية وحركية دائمة، مفتوحاً للجميع وكأرض ممتدة على مصراعيها ولكل الباحثين على حد سواء، وهو مركز فتي وطموح يستقبل اليوم ثلة من الجيل الجديد من الباحثين الذين لهم أفكار وتعبيرات بشأن إكراهات البحث العلمي ببلادنا، لتمكينهم من تقديم اقتراحاتهم وأفكارهم في أفق تجويد البحث العلمي باعتباره ركناً أساسياً في البناء والرقي بالأمم والشعوب وتقدمها، ولعل هذا اللقاء المنظم اليوم تحت عنوان “الصعوبات التي تعترض البحث العلمي من منظور الباحثين الشباب” يجسد هذا التقارب وهذا الانفتاح أمام كل الباحثين من مختلف المشارب والتخصصات وكذا الأقطار، وهي سنة حميدة دأب مركز تكامل على نهجها.