في بعض صعوبات التحليل السياسي

   بقدر ما يؤكّد أغلب الباحثين على ضعف، بل وحتى غياب علم السياسة، بقدر ما نلاحظ الحضور الصريح أو الضمني للسياسة في العديد من الكتابات بحيث لا يقابل غياب العلم إلا تشظي السياسة في مجالات معرفية مختلفة. وهي مفارقة تستدعي توضيح مظاهر ضعف علم السياسة، وصعوبات تحليل المشهد السياسي المغربي.    “إنّ العلم الذي يبحث في اجتماعيات الدولة، أي علم السياسات مهجور في مجموع البلاد العربية، وإن ّما أنجز من دراسات في هذا المجال تمّ في إطار معاهد أجنبية.”[1] لا وجود لهذا العلم إذن بمعناه المؤسساتي، إن لم نقل إنّ تحديد موضوع خاص به، وابستمية خاصة به، شيء صعب، بل ولا معنى له. والحال هذه، ليس أمرا غريبا أنّ يكون علم السياسة بالمغرب علما “مهاجرا”، ليس فقط بالمعنى المكاني، بل، وعلى الخصوص نحو مجالات معرفية أخرى. فلكي يعيش “عالم السياسة”، فإنّه تارة يتحوّل إلى “مؤرخ” للوقائع والمؤسسات، وأخرى إلى مؤرخ للأفكار… (الأطروحات الجامعية المغربية في العلوم السياسية تؤكد ذلك)، وهذا “الترحال” بين مجالات معرفية مختلفة تمليه “خصوصية” الموضوع السياسي المغربي وطابعه المفكّك، ناهيك عن المحيط السياسي العام[2]. وفي نفس المنحى، يوضّح باحث آخر كيف أنّ هذا العلم تتقاسمه نزعتان أساسيتان هما، الأنثروبولوجيا والتاريخ، “وفي الحالتين معا، تبقى المسلّمة الأساس هي ضرورة الاستعانة بالأنثروبولوجيا أو بالتاريخ لفهم بلد مثل المغرب.[3]


[1] عبدالله العروي، مفهوم الدولة ص 145، المركز الثقافي العربي، 1981

[2] Voir M/ Tozy :La science politique à l’écoute des discours de la rue –Les illusions du regard- in « Sciences politiques, sciences morales » Itinéraires et pratiques de recherches . Tunis 1995/

[3] Hassan Rachik : Sciences politiques et pratiques de terrain  in Revue marocaine des sciences politiques/ n 1 2010.