سمات السلوك الانتخابي للطبقة الوسطى بالمغرب: دراسة ميدانية

نُشرت هذه دراسة نشرت ضمن المؤلف الجماعي الذي أصدره مركز تكامل للدراسات والأبحاث سنة 2016 بعنوان: “تشريعيات 2016 بين إنعاش الآمال وتكريس الإحباطات: قراءة في النتائج والتداعيات

مقدمة:

تكتسي الطبقة الوسطى في المجتمعات المعاصرة أهمية بالغة ليس فقط بالنظر إلى وزنها الكمي في مقابل الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، ولكن لأنها تعتبر المحرك الرئيسي للتجارب الإنمائية الناجحة، والعمود الفقري للديمقراطية، ومحور التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي[1]، إذ كلما اتسعت الطبقة الوسطى كلما تقلص الصراع بين الطبقات[2]. والطبقة الوسطى متى لم تبق حبيسة مصالحها الخاصة يكون لها دور تاريخي فاعل في تقدم المجتمع، وقد أكدت التجربة الغربية إلى حد ما ذلك، فهي التي دفعت في اتجاه إقرار مقومات الحكم السليم، وإحلال سيادة القانون، وتوفير التعليم العام للجميع، وإنشاء الضمان الاجتماعي، كما لاحظ ذلك الباحث “ستيغلتز”[3]، وقد ساعدها على ذلك ما تملكه من إمكانات للتأثير، بالنظر إلى ما يفترض أن تتمتع به من استقرار نفسي وحظوة اجتماعية ومستوى تعليمي وتأقلم مع طفرات الاتصال والتواصل. صحيح أن مفهوم الطبقة الوسطى اليوم أصبحت تكتنفه بعض الالتباسات وتحيط به بعض الإشكالات، لكن مع ذلك يبقى متداولا بشكل كبير في الأوساط السياسية والأكاديمية[4]، وتبقى الطبقة الوسطى موضوعا مغريا للبحث ليس في العالم الغربي فقط، وإنما في عالمنا العربي أيضا.

فحسب تقديرات تقرير “الإسكوا” الصادر سنة 2014، تشكل الطبقة الوسطى في العالم العربي 45 في المئة من مجموع السكان، وقد تقلصت إلى 37 في المئة بعدما عرفته بعض البلدان العربية، خاصة سوريا واليمن، من أزمات[5]. وقد شكلت الطبقة الوسطى في خمسة بلدان عربية هي الأردن، وتونس، ومصر، واليمن، والمغرب 79 في المئة من مجموع السكان في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة؛ وهي نسبة استقرت عليها هذه الطبقة منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي[6]. لكن مع ذلك تبقى نسبة الطبقة الوسطى من مجموع السكان تختلف من بلد عربي إلى آخر، بل تختلف داخل البلد الواحد بالنظر إلى المعايير المستعملة في تحديدها. وحسب تقرير”الإسكوا” دائما فإن أكثر من نصف أفراد الطبقة الوسطى في العالم العربي يولون أهمية للسياسة. وبالمقارنة مع الطبقات الأخرى، سجلت الطبقة الوسطى أكبر عدد من الأفراد الذين أفادوا بأن السياسة مهمة في الحياة، وبأنهم يهتمون بالسياسة، ويصوتون في الانتخابات الوطنية. وبما أن الطبقة الوسطى هي أكبر فئة سكانية، فإن مشاركتها السياسية تكتسي أهمية بالغة[7]. لكن تم في السنوات الأخيرة تسجيل بعض التراجع في الاهتمام بالشأن السياسي في بعض البلدان العربية خاصة الأردن والعراق والمغرب[8]. في هذا السياق تأتي هذه الدراسة الميدانية لتبحث المشاركة السياسية لدى الطبقة الوسطى بالمغرب، وبالتحديد المشاركة الانتخابية من خلال التسجيل في اللوائح الانتخابية والتصويت وما يرتبط بهما من سلوك انتخابي.

وقد تم تقسيم الدراسة إلى ثلاثة محاور وهي:

1-الإطار المنهجي للدراسة

2- عرض نتائج الدراسة وتحليلها

3- خلاصات واستنتاجات


[1] – تقرير الطبقة الوسطى في البلدان العربية “قياسها ودورها في التغيير”، الصادر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) التابعة للأمم المتحدة سنة 2014، ص 14

[2] – روزماري كرومبتون، الطبقات والتراصف الطبقي، ترجمة محمود عثمان حداد وغسان رملاوي ومرجعة سعود المولى، الطبعة الأولى، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، شباط/فبراير 2016)، ص 56

[3] – تقرير الإسكوا، ص 21

[4] – Laure BONNEVAL, Jérôme FOURQUET, Fabienne GOMANT, Portrait des classes moyennes , (France :La fondation pour l’innovation politique, 2011),p 7.

[5] -تقرير الإسكوا،16

[6] -تقرير الإسكوا، 28

[7] -تقرير الإسكوا، 98

[8] – تقريرالإسكوا، 98