مفوضية شؤون اللاجئين وتلبية الاحتياجات الصحية للاجئين في سياق مكافحة مرض كوفيد 19

مقدمة

تخوض بلدان العالم منذ شهور وقبل عقد واحد فقط من الموعد النهائي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أخطر أزمة بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد.[1] فقد تسبب هذا الوباء الذي لم تشهد له البشرية مثيلا منذ مائة عام، في أزمات اقتصادية للدول وللأفراد على حد سواء، حيث نجم عنه تراجع النمو الاقتصادي للدول، وانهيار أسعار أسهم كبريات الشركات العالمية وإغلاق مؤسسات إنتاجية، مما أدى إلى فقدان الوظائف، وارتفاع معدلات البطالة وكذلك معدلات الفقر.[2] لقد بهذا الفيروس التاجي جميع الأفراد في كل قارة وبجميع أعمارهم[3].

وقد يهدد بشكل أكبر سكان بلدان تم تصنيفها الأكثر عرضة لتفشي الأمراض المعدية فيها، وبدرجة أكبر فئات الأشخاص الذين نزحوا داخل أو خارج بُلدانهم من مهاجرين وطالبي لجوء. فلا يزال عدد كبير من الأشخاص يواصلون اليوم الفرار من منازلهم في جميع أنحاء العالم سعيا إلى حياة أفضل أو بحثا عن الأمان فقط.[4]في الوقت الذي تتخذ بلدان وحكومات تدابير متزايدة تعيق الحق في طلب اللجوء بالكامل. بل اصطبغت هذه التدابير بطابع استثنائي غير مسبوق منذ شهر مارس سنة 2020 بسبب انتشار فاشية مرض كوفيد 19، إذ تعمّدت دول عديدة الحد من السفر عن طريق الجو والتحركات عبر الحدود. ونتيجة لذلك، قد تمثل الإحصائيات العالمية للاجئين واللجوء نقصًا في الحجم الحقيقي لعدد الأشخاص الذين يلتمسون الحماية الدولية أثناء الوباء كما صرح المفوض السامي لشؤون اللاجئين” فيلبوغراندي” معبرا عن” قلق متزايد بشأن التدابير التي اتخذتها بعض البلدان والتي ستؤدي -حسب تقديره- إلى إعاقة الحق في طلب اللجوء بالكامل”.[5]

 وليس إغلاق سبل طلب اللجوء هو التخوف الوحيد لدى مفوضية شؤون اللاجئين. فهناك مسألة أخرى تخلق تحديا كبيرا للوكالات الإنسانية ألا وهي تحديد المخاطر الصحية التي تهدد حياة اللاجئين وطالبي اللجوء بسبب فيروس كورونا خاصة أولئك الذي لا يتوفرون على وثائق. إن الفيروس التاجي يعرقل وصولهم إلى الخدمات الأساسية بسبب أوامر السلطات بالبقاء في المنازل، أو بإخضاع اللاجئين للحجر الصحي على الحدود او في مخيمات كما حدث للاجئي “الروهينغا” بمخيم “كوتوبالونغ” ببنغلاديش بعد تسجيل أول إصابة بالفيروس. في هذه الورقة العلمية سنبرز ما إذا كان اللاجئون وطالبي اللجوء ومعهم أجانب آخرون كالمهاجرين الذين يوجدون في وضعية غير قانونية يحظون بالحق في رعاية صحية دون عوائق، وأن صحتهم وسلامهم غدت من الأولويات المدرجة في حزمة تدابير مكافحة ومعالجة تداعيات فيروس كورونا على كافة القطاعات في الدولة الاقتصادية والاجتماعية والصحية. كما سنتقصى من خلال تقارير المفوضية مدى وجود استجابة إنسانية عالمية منسقة لضمان الاحتياجات الصحية للاجئين تتلازم مع التدابير المقررة عالميا لمكافحة انتشار هذا الوباء الخبيث الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة ب”العدو المشترك للعالم”، وعليه أن يواجهه وكأنه في “حالة حرب”؟[6].


[1]– حددت منظمة الامم المتحدة أهداف التنمية المستدامة  في 17 هدفا  بموجب قرار الجمعية العامة الصادر 25 شتنبر 2015. و يتموقع حق الصحة  الجيدة ولرفاه  في المرتبة الثالثة  ضمن الرتب 17.

[2]– أقر علماء الأوبئة بان كوفيد-19 مرض معدي تسبب فيه آخر فيروس تم اكتشافه من سلالة فيروسات كورونا التي هي سلالة واسعة من الفيروسات تسبب المرض للحيوان وكذلك الإنسان في شكل أمراض تنفسية. وأشارت منظمة الصحة العالمية بأن مرض كوفيد-19 الذي تحوّل منذ ديسمبر 2019 إلى جائحة تؤثر على العديد من بلدان العالم أصاب حتى يوم 22 يونيو 2020،8,7  ملايين مع أكثر من 461 ألف حالة وفاة.

[3]– أوضح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن إفريقيا شهدت تشخيص أقل حصيلة للإصابات بفيروس كورونا إذ بلغت أقل من 1.5% من العدد الإجمالي العالمي للحالات بينما وصلت نسبة الوفيات إلى 0.1% فقط من الوفيات.

[4]– في سنة 2020 إرتفع العدد الإجمالي للنازحين في الداخل إلى 50,8 مليون وهو رقم قياسي يفوق بشكل كبير عدد اللاجئين المتواجدين خارج بلدانهم المقدّر ب 26 مليون شخص. فما يقرب من 80 مليون شخص في العالم اقتلعوا من ديارهم نهاية 2019. وهو رقم ارتفع بنحو تسعة ملايين مقارنة بسنة 2018، ويقترب من ضعف الرقم المسجل في 2010 البالغ 41 مليونا، هذا على الرغم من أن القيود التي فرضت لمكافحة مرض كوفيد-19 تبطئ التنقلات. 

[5]– في مارس 2020 لوحظ انخفاض عدد طلبات اللجوء المسجلة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 43 في المائة مقارنة بشهر فبراير2020 مع تباطؤ أنظمة اللجوء أو توقفها استجابة لكوفيد19.كما توقف بشكل ملحوظ (رغم كل الجهود) تسجيل اللاجئين والتوثيق عن بعد.

[6]–  تصريح للأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” عن جائحة كورونا أثناء مؤتمر صحفي عبر الفيديو. موقع أخبار الأمم المتحدة

https://news.un.org/ar/story/2020/03/1051672