السلوك التضامني خلال أزمة كورونا: التاريخ مدخلا للفهم والتفسير

استطاعت أزمة فيروس كورونا أن تحتكر لنفسها لقب أول أزمة شملت جميع دول العالم بدون استثناء في القرن الواحد والعشرين، هذه الأزمة التي أفرزت وضعا غير مسبوق أدى إلى إقرار إجراءات وقائية على رأسها الحجر الصحي الذي منع بموجبه التنقل بين الدول وداخلها، تفاديا لانتقال العدوى التي أثبت الأطباء أنها تنتقل بسرعة في حالة فيروس كورونا أكثر من أي فيروس آخر. الشيء الذي أدخل العالم فيما يشبه السبات الكوني وحالة الجمود والترقب أمام كائن مجهري لا يعرف الإنسان كيف يحاربه.

البعد الدستوري لصدارة الجهة في الهندسة الترابية: حيوية المبدأ والارتباكات المرتبطة به

تجسد الصدارة “فكرة جديدة بطبيعتها”، وقد تم تكريسها لأول مرة في الفصل 143 من دستور 2011، وهي في الحقيقة قد تشكل لدى بعض المهتمين بالتنظيم الترابي اللامركزي زعزعة وتهديدا لوضع الجماعات الترابية، وكذلك يمكن أن تمس بشكل أو بآخر علاقاتها، فمختلف التأويلات التي أعطيت لمفهوم “الصدارة” وامتداداته المحتملة تكتسي أهمية بالغة في سياق التحديد الفيزيونومي”de la physionomie ، لمستقبل اللامركزية.

الدّين وإعادة التشّكل في الزّمن الكوفيدي: طوفوا حول الإنسانيّة

لطالما تحدّثنا في مناسبات عديدة ومتنّوعة، عن ضرورة الانتقال من معاينة النصّوص الدينيّة من زاوية حرفيّة ظاهرية، نحو زاوية مقاصديّة تبلغ روح الأحكام وجوهر الدّين، وعلى رأي الجويني في برهانه: “ومن لم يتفطن لوقوع المقاصد في الأوامر والنّواهي فليس على بصيرة في وضع الشّريعة” .

المُراقَبة الإدارية علَى إِبرامِ الصفَقَات العمومية للجهات ومَبدَأ التَّدبِير الحُرّ

تمثّل الصفقات العمومية أداة من أدوات التدخل الاقتصادي، التي تلجأ إليها الدول من أجل توظيفها قصد تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية معينة، لأن هذه العقود تعتبر وسيلة لتنفيذ الميزانية، وتخصّص لها مبالغ مهمّة. في المغرب، وبعد أن بوأ الدستورُ الجهةَ، تحت إشراف رئيس مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى، في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، في نطاق احترام الاختصاصات الذاتية لهذه الجماعات الترابية (الفقرة الثانية من الفصل 143 من دستور 2011)، فإنّ جزءًا من الآليات التي ستلجأ إليها هذه الوحدة الترابية لتحقيق التنمية الجهوية هي الصفقات العمومية.

ملاحظات فلسفية حول جائحة كورونا

هذه الجائحة حدث القرن بامتياز، وهو حدث يرفع تحديا كبيرا أمام كل المتدخلين في المجال: سواء كان عالما طبيبا أو مؤرخا أو فاعلا سياسيا أو فيلسوفا يحاول أن يفهم. ولكنه من الصعب أخذ فكرة تاريخ المخاطر التي تحدق بالإنسان دون العودة إلى منظور الأنتروبولوجيا التاريخية، قبل أن ننتقل بعد ذلك باختصار إلى المنظور الطبي ومفهوم المناعة؛ ثم سنتساءل إلى أي حد نعتبر فيه كوفيد 19 المتجدد حدثا تاريخيا قابلا للتفسير مثل الأوبئة القديمة بالمغرب، وسنطرح السؤال الإشكالي والمفتوح:ما العمل مع الفيروسات؟ كما أننا سنجيب عن الأسئلة التالية: كيف تطرح الطوارئ الصحية تحديات على فلسفة الأخلاق من الزاوية الحقوقية صعبة؟ وكيف نبرر حالة الطوارئ وتعطيل العمل ببعض القوانين؟ سنقدم أمثلة عن الشطط في استعمال قانون الطوارئ ضد عودة العالقين، كما سنناقش مفهوم الطوارئ وحسابات المخاطر في ظروف الدفاع عن النفس وعن الآخرين.

الكوليرا والكورونا: من الحدود البيولوجية إلى العولمة الفيروسية

منذ سنوات 1970، مع موجة التاريخ الاجتماعي والأنثروبولوجيا التاريخية، تعددت الدراسات عن الأمراض والأوبئة، من طاعون وكوليرا وجدري وتيفوس وملاريا، وغيرها، بقلم مؤرخين محترفين ساهموا في توسيع دائرة الفهم، بعدما كان هذا الموضوع حكرا على الأخصائيين في العلوم الطبية والبيولوجية. مثلا، لما ضربت الإنفلونزا الإسبانية العالـمَ سنة 1918، لاحظ الجميع كيف أن المرض عصف باليافعين والشبان بينما سلِم منه الكهول والشيوخ. وكان جواب المؤرخين محوريا بهذا الصدد، لما أبانوا عن أن وباءً مماثلا، وهو الإنفلونزا الروسية، كان قد اجتاح أوروبا قبل هذا التاريخ بثلاثين سنة (عام 1889)، مما دفع بالمختصين في الطب وعلم الأحياء إلى استنتاج ما مفاده أن الشبان في نهاية القرن التاسع عشر كانوا قد اكتسبوا من جراء ذلك مناعة ساعدتهم على مقاومة وباء 1918 وهم كهول وشيوخ. ثم إن الحجر الصحي الذي عاشه العالم في ربيع هذا العام (2020) وتسبب في قلق الأهالي في مختلف أنحاء المعمور له جذور تاريخية، إذ يعود إلى العصر القديم، مع النهج الذي رسمه الطبيب الإغريقي أبقراط.

الفيدرالية الألمانية: كحل لإشكالية الحكم الذاتي الموسع

ينبغي أن تكون الدساتير خير تعبير مباشر عن الواقع السياسي والاجتماعي لأية دولة أو أمة، فإذا كان الدستور يصور حالة تختلف اختلافا بينا عن المؤسسات السياسية التي تسير دفة الحكم في البلاد، فإنه يصبح عندئذ ليس إلا مجرد قصاصة من الورق لا قيمة لها، ولهذا السبب نفسه يكاد لا يكون من المجدي في شيء أن تقتبس دولة من دولة أخرى دستورا فيدراليا يتصف بالكمال، وتنتظر أن تطبقه بقدر مماثل من الكمال في بيئة سياسية واجتماعية تختلف اختلافا تاما عن بيئة الدولة التي اقتبس منها ذلك الدستور.

بعض قيود الديمقراطية المحلية: أزمة الديمقراطية التمثيلية وتقييد الديمقراطية التشاركية (دراسة في التجربة المغربية)

نُشرت هذه دراسة ضمن المؤلف الجماعي الذي أصدره مركز تكامل للدراسات والأبحاث دجنبر 2020 بعنوان: “الديمقراطية المحلية وآفاق التنمية الترابية بالمغرب” وهو معروض في المكتبات، كما يمكن تحميله من خلال الموقع الإلكتروني للمركز“. مقدمة:  إذا أخذنا مفهوم الديمقراطية (demokratia) بمعناه … اقرأ المزيد

العالم بعد فيروس كرونا: تأملات واحتمالات

ارتأيت في هذه المقالة، النظر في الوضع المحتمل للنظام السياسي الدولي انطلاقا من أزمة جائحة كورونا، بصفتها أزمة عالمية كبرى، لا تختلف مخلفاتها عن أزمات تاريخية، في عالمنا المعاصر، التي كان لها انعكاس كبير على تشكيل محددات نظام العالم السياسي والاقتصادي خلال قرن من الزمن ونيف.

جدلية الحرية والنظام العام في زمن الوباء

ينطوي تحليل العلاقة الموجودة بين النظام العام ومجال الحرية على صعوبات منهجية بالغة، تعكسها طبيعة التوترات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي رافقت تطور الدولة الحديثة؛ لذلك تميز كلا المفهومين بالمرونة نتيجة اختلاف السياقات الاجتماعية والسياسية من حقبة تاريخية إلى أخرى.

ملامح الدبلوماسية المغربية: خلال جائحة كوفيد-19

تعتمد السياسة الخارجية لكل دولة على أسلوب خاص بها، كون هذا المجال من المجالات السيادية التي تباشر أساسا ما تضعه الدول من تصورات وبرامج، وتختار من خلاله العمل على تحقيق أهداف المصلحة الوطنية، وهو مجال للتدافع داخل المنظومة الدولية، وفي محيطها الإقليمي والدولي، على أساس ما يخوله لها الدستور والقوانين الداخلية، والتوازنات السياسية التي تشير بالضرورة إلى جهة اتخاذ القرار الخارجي، ومن يمتلك السلطة في هذا الباب، وتحدد جهة تنفيذ هذا القرار، وكيفيات صنعه، وصيغ تنفيذه وأولوياته..

من الدولة الراعية إلى الدولة الشاملة: قراءة في تعامل الدولة المغربية مع الجائحة

أدخلت جائحة فيروس كورونا المستجد الدولة الوطنية المعاصرة في نفق سياسي واقتصادي لم تعهده في تاريخها، بالنظر لوطأته وتأثيراته المتشعبة والمتناسلة، التي فاجأت العالم وقلبت مجمل اليقينيات السياسية الكبرى التي تأسست عليها الدول والمجتمعات.

تداعيات جائحة كوفيد 19 على قانون مالية 2020

طرحت جائحة كوفيد 19 على الدول تحديا غير مسبوق، فقد أدت الجائحة وما واكبها من إجراءات الحجر الصحي والإغلاق، واتخاذ حالة الطوارئ الصحية إلى توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية. هذا الأمر انعكس على المالية العامة، بحيث أدى الواقع إلى الحيلولة دون تنفيذ قانون المالية لسنة 2020 كما تم توقعه. وانضافت تأثيرات الجائحة إلى عوامل أخرى سابقة من قبيل الجفاف، انخفاض الطلب الداخلي، وركود الاقتصاد العالمي، في التأثير على ما توقعته الحكومة بالنسبة لهذا القانون.

جائحة القرن الواحد والعشرين: محاولة لفهم المتغيرات الإقليمية المحتملة وتداعياتها

ارتبطت الجوائح عبر التاريخ بسقوط وانهيار بعض الإمبراطوريات، وتصدع الحكومات، وقتل وإبادة أجيال بأكملها وإحداث تغيرات جوهرية على مستوى الواقع والمسلمات العلمية والثقافية الرائجة، وإعادة تشكيل الخرائط والتحالفات والتوازنات الجيو-إستراتيجية السائدة.

الأجندة الدستورية للبرلمان المغربي خلال حالة الطوارئ الصحية

أبان انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19[1]، عن الحاجة إلى الاجتهاد واتخاذ المبادرة من أجل التأقلم ومواكبة الظرف الاستثنائي المفروض على مختلف الأصعدة، وأساسا في جانب الاجتهاد القانوني والتأويل الحذر، حماية لمصالح المجتمع منطلق ومنتهى القانون، وذلك بملائمة القوانين للوضعية المستجدة، وباستلهام المبادئ والتوجهات العامة لروح ولنص الدستور، ومدى استجابة هذه الاجتهادات للرؤية المستقبلية التي يطمح إليها كل مكونات هذا المجتمع والمتمثلة عموديا على الأقل في تخفيف الضغط والحفاظ على المكتسبات، وباستشراف الحالة المستقبلية المتوقعة، إن لم نقل، المطالبة إلى الرجوع إلى الحالة العادية. ولا شك والحالة هاته، أن مشروعية ذلك، ترجع إلى كون مجموعة من الأحداث والوقائع لم يتم تنظيمها لا دستوريا ولا قانونيا، لأنها من الحالات التي لم تحدث في العصر الحالي. ولذلك ظهر أننا في أمس الحاجة إلى عميق الاجتهاد وسداده، ما دام أن الوضعية مستجدة وغريبة إلى حد ما. فما هي المرجعيات التي وجب الاعتماد عليها سواء على سبيل الاجتهاد أو التأويل؟

حالة الاستثناء والإنسان الحرام: الأسس الخفية للسلطة في حالة الطوارئ عند جورجيو أغامبين

تقديم: أدى ما يعيشه العالم من تقلبات اقتصادية وسياسية واجتماعية جراء التداعيات التي خلفتها الجائحة الوبائية لفيروس كرونا “كوفيدـ19” Coronavirus (COVID-19) مطلع هذه السنة، إلى استدعاء النقاش حول منظومة الضبط وتقييد الممارسة الحياتية اليومية للأفراد، خصوصا وأن الجائحة دفعت معظم … اقرأ المزيد

العقلانية القانونية ومفهوم “الذكاء المعياري”

يحيلنا التفكير في إشكاليات العقلانية القانونية إلى التدقيق في مفارقة أولية، تتعلق بوجود فارق كبير بين التطور الواقعي الذي عرفته بنية ووظائف المعايير القانونية من جهة، وبين التطور الذي عرفته المناهج والأدوات المستخدمة في تحليل ودراسة الظاهرة القانونية من جهة أخرى.

التدخلات الاقتصادية للحكومة المغربية خلال حالة الطوارئ الصحية سؤال الفعّالية

سارع المغرب، وكباقي الحكومات عبر العالم، منذ ظهور أولى حالات كورونا في الثاني من شهر مارس وبداية بوادر الأزمة، إلى التدخل ببرامج إنقاذ ودعم للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية وتقديم المساعدة للفئات المتضررة لتعزيز الاستقرار والسلم الاقتصادي والاجتماعي.

القانون الدولي للكوارث والأزمات الصحية

مقدمة: من المعروف أن الأوبئة أو الجوائح تندرج ضمن الكوارث الدولية الكبرى التي قد يعرفها العالم أو تعرفها منطقة معينة من الكرة الأرضية[1]. وقد حاول كثير من العلماء والفقهاء وضع تعريف دقيق وشامل لمفهوم الكارثة الدولية أو الأزمة الصحية الدولية، … اقرأ المزيد

مبدأ المشروعية الإدارية إبان حالة الطوارئ الصحية

لقد بدا واضحا أن نوعا من التدبير الاستثنائي أخذ يتغلغل شيئا فشيئا في مؤسسات الدولة ومرافقها العامة، وحتى في المسطرة التشريعية، وبالطبع لم تكن السلطة القضائية بمنأى عن تأثير الظروف الطارئة. وبالرغم من عامل المفاجأة وعدم التوقع الذي طبع حالة الطوارئ الصحية، فقد حاولت مختلف أجهزة الدولة التأقلم مع هذه الظرفية، وهي وضعية لم تسلم من تأثيرات جسيمة على مختلف المستويات: اقتصاديا، اجتماعيا، وطنيا وحتى دوليا.